وروى عنه أيضا: «يحطّمنّكم» (١)، بفتح الياء، وكسر الحاء، والتشديد.
قال أبو الفتح: أما الأصل فيهما فيحتطمنّكم، يفتعل من الحطم، وهو الكسر، أى: يقتلنكم. وآثر إدغام التاء فى الطاء لقرب مخرجيهما، فأسكنها، وأبدلها طاء، وأدغمها فى الطاء بعدها، ونقل الفتحة من التاء إلى الحاء، فقال: «يحطّمنّكم».
ومن كسر الحاء فإنه لمّا أسكن التاء للإدغام كسر الحاء، لسكونها وسكون التاء بعدها ثم أدغم فصار «يحطّمنّكم». ويجوز فى العربية كسر الياء أيضا إتباعا لكسرة الحاء؛ فيقال: «يحطّمنّكم». ومثله قول العجلى:
تدافع الشّيب ولم تقتّل (٢) …
يريد: تقتتل، ثم غير ذلك على ما تقدم.
يقال: حطمه يحطمه حطما: إذا كسره، وحطّمه يحطّمه، واحتطمه يحتطمه احتطاما ويغيّر الماضى واسم الفاعل والمصدر على الصنعة التى تقدمت فى «يحطّمنّكم».
فمن قال: يحطّم قال: حطّم، ومن قال: يحطّم قال: حطّم.
ومن أتبع الأول يحطّم أتبع هنا، فقال: حطّم. وعليه أنشد قطرب فيما روينا عنه أو غيره.
لا حطّب القوم ولا القوم سقى (٣) …
يريد: احتطب.
ويقول فى اسم الفاعل على يحطّم: محطّم، وعلى يحطّم: محطّم.
ومن كسرها الأول إتباعا، فقال: يحطّم لم يكسر الميم؛ لأن اسم المفعول والفاعل من هذا ونحوه لا يكون إلا مضموم الأول، وعليه قال: {وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ} (٤)، و «الْمُعَذِّرُونَ».
وتتبع العين الميم، فيقال: «الْمُعَذِّرُونَ». وعليه أيضا يقال: مخطّف: والأصل فى جميعه المتعذرون. ويقول فى المصدر على يحطّم ويحطّم جميعا: حطّاما.
ومن كسر هناك لالتقاء الساكنين كسر هنا أيضا، فقال: حطّاما؛ لئلا تنكسر الطاء،
(١) انظر: (القرطبى ١٧٣/ ١٣، البحر المحيط ٦١/ ٧، الكشاف ٦١/ ٧،١٤٢/ ٣، الرازى ١٨٨/ ٢٤، الآلوسى ١٧٩/ ١٩).
(٢) سبق الاستشهاد به (١٤٠/ ١).
(٣) سبق الاستشهاد به (١٤١/ ١).
(٤) سورة التوبة الآية (٩٠).