وقال أبو حاتم فى حرف عبد الله: «إلاّ دابّة الأرض أكلت منسأته» (١)، وفى حرف أبىّ «منسيته» -قال: وهى تدل على الهمز؛ لأن الهمزة قد تحذف من الخط فقول ابن مسعود: «أكلت» هو تفسير الدلالة، أى ما دلّهم على موته إلاّ دابة الأرض ثم فسّر وجه الدلالة، فقال: «أكلت منسأته»، أى: فخرّ، فتبينت الجنّ.
***
{فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} (١٤)
ومن ذلك قراءة ابن عباس والضحاك وأبى عبد الله وعلىّ بن حسين: «تبيّنت الإنس» (٢).
قال أبو الفتح: أى: تبيّنت الإنس أن الجن لو علموا بذلك ما لبثوا فى العذاب. يدل على صحة هذا التأويل ما رواه معبد عن قتادة، قال: فى مصحف عبد الله: «تبيّنت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا» (٣).
***
{ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ} (١٧)
ومن ذلك قراءة ابن جندب: «وهل يجزى إلاّ الكفور» (٤).
قال أبو الفتح: حدثنا أبو بكر محمد بن على المراغىّ، ورويناه أيضا عن شيخنا أبى علىّ، قال: كان أبو إسحاق يقول: جزيت الرجل فى الخير، وجازيته فى الشر. واستدل على ذلك بقراءة العامة: «وهل يجازى إلا الكفور» وقرأت على أبى علىّ عن أبى زيد (٥):
لعمرى لقد برّ الضّباب بنوه … وبعض البنين حمّة وسعال
(١) انظر: (الكشاف ٢٨٣/ ٣).
(٢) وقراءة ابن مسعود. انظر: (القرطبى ٢٧٩/ ١٤، الكشاف ٢٨٣/ ٣، النحاس ٦٦٢/ ٢، مجمع البيان ٣٨٠/ ٨، البحر المحيط ٢٦٨/ ٧).
(٣) وردت فى بعض المصادر: «تبينت الإنس إن الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا». وهى قراءة ابن عباس أيضا. انظر: (الطبرى ٥١/ ٢٢، الكشاف ٢٨٤/ ٣، البحر المحيط ٢٦٨/ ٧).
(٤) انظر: (الكشاف ٢٨٥/ ٣، البحر المحيط ٢٧١/ ٧).
(٥) انظر: (النوادر ١١٥).