جزونى بما ربّيتهم وحملتهم … كذلك ما إنّ الخطوب دوال
وينبغى أن يكون أبو إسحاق يريد أنك إذا أرسلتهما ولم تعدّهما إلى المفعول الثانى كانا كذلك، فإذا ذكرته اشتركا. ألا ترى إلى قوله:
جزانى الزّهدمان جزاء سوء … وكنت المرء أجزى بالكرامه (١)
فأما قراءة ابن جندب: «وهل يجزى إلاّ الكفور» فوجهه أنه إذا كان الجزاء عن الحسنة عشرا فذلك تفضّل، وليس جزاء، وإنما الجزاء فى تعادل العمل والثواب عنه. ولله درّ جرير وعذوبته قال:
يا أمّ عمرو جزاك الله صالحة … ردّى علىّ فؤادى كالّذى كانا (٢)
وقال أبو حاتم: «وهل يجازى إلا الكفور» (٣)، بالنصب قراءة قتادة وابن وثاب والنخعى، فى جماعة ذكرهم.
***
{فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (١٩)
ومن ذلك قراءة ابن عباس ومحمد بن على ابن الحنفية وابن يعمر-بخلاف- والكلبى وعمرو بن فائد: «ربّنا» -رفع- «بعّد بين أسفارنا» (٤)، رفع الباء على الخبر، وفتح الباء من «بعّد» والعين، ونصب النون من «بين».
وقرأ: «ربّنا بعد»، بفتح الباء والدال، وضم العين «بين أسفارنا» (٥) -ابن يعمر وسعيد بن أبى الحسن ومحمد بن السّميفع وسفيان بن حسين-بخلاف-والكلبى- بخلاف-وقرأ: «ربّنا باعد بين أسفارنا» (٦) -ابن عباس وابن يعمر ومحمد بن على
(١) نسب فى لسان العرب لقيس بن زهير. انظر: لسان العرب «زهدم».
(٢) انظر: (ديوانه ٥٩٤).
(٣) انظر: (الكشاف ٢٨٥/ ٣).
(٤) وقراءة يحيى، وعيسى بن عمر. انظر: (الفراء ٣٥٩/ ٢، الكشاف ٢٨٦/ ٣، العكبرى ١٠٦/ ٢، البحر المحيط ٢٧٢/ ٧، النحاس ٦٦٧/ ٢).
(٥) وقراءة محمد ابن الحنفية، وسفيان بن حسين، وأبى إسحاق. انظر: (الفراء ٣٥٠/ ٢، الطبرى ٥٨/ ٢٢، الكشاف ٢٨٦/ ٣، القرطبى ٢٩١/ ١٤، البحر المحيط ٢٧٣/ ٧، النحاس ٦٦٧/ ٢، مجمع البيان ٣٨٥/ ٨، العكبرى ١٠٦/ ٢، مختصر شواذ القراءات ١٢١).
(٦) وقراءة محمد ابن الحنفية، وأبى حاتم، وزيد بن على، وأبى حيوة، وأبى العالية، ونصر بن عاصم، وسهل. انظر: (الفراء ٣٥٩/ ٢، الطبرى ٥٨/ ٢٢، القرطبى ٢٩١/ ١٤، الكشاف ٢٨٦/ ٣، -