أى: معدوّا عليه، وأثبت أبو العباس أحمد بن يحيى الياء فى «زقية» أصلا، وأنشدوا قوله:
وترى المكّاء فيه ساقطا … لثق الرّيش إذا زفّ زقى
وكأنه إنما استعمل هنا صياح الطائر: الديك ونحوه؛ تنبيها على أن البعث بما فيه من عظيم القدرة وإعادة ما استرمّ من إحكام الصنعة وإنشار الموتى من القبور-سهل على الله «سبحانه»، كزقية زقاها طائر. فهذا نحو من قوله: {ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ} (١)، ونحو ذلك من الآى التى تدل على عظم القدرة، جل الله جلالا، وعلا علوّا كبيرا. وأنشد الفراء مستشهدا به على صحة الياء قوله:
تلد غلاما عارما يوديك … ولو زقيت كزقاء الدّيك (٢)
وقال: يقال: زقوت وزقيت.
***
{يا حَسْرَةً} (٣٠)
ومن ذلك قراءة الأعرج ومسلم بن جندب وأبى الزناد: «يا حسرة»، ساكنة الهاء، «على العباد» (٣).
وقرأ: «يا حسرة العباد» (٤)، مضافا-ابن عباس والضحاك وعلى بن حسين ومجاهد وأبىّ بن كعب.
قال أبو الفتح: أما «يا حسره»، بالهاء ساكنة ففيه النظر؛ وذلك أن قوله: {عَلَى الْعِبادِ} متعلق بها، أو صفة لها. وكلاهما لا يحسن الوقوف عليها دونه، ووجه ذلك عندى ما أذكره؛ وذلك أن العرب إذا أخبرت عن الشئ غير معتمدته ولا معتزمة عليه، أسرعت فيه، ولم تتأنّ على اللفظ المعبّر به عنه. وذلك كقوله:
قلنا لها قفى لنا قالت قاف (٥) …
(١) سورة لقمان الآية (٢٨).
(٢) سبق الاستشهاد به.
(٣) وقراءة عكرمة. انظر: (القرطبى ٢٣/ ١٥، البحر المحيط ٣٣٢/ ٧، مجمع البيان ٤٢٠/ ٨).
(٤) وقراءة الحسن. انظر: (الفراء ٣٧٥/ ٢، الإتحاف ٢٦٤، الكشاف ٣٢١/ ٣، مجمع البيان ٤١٧/ ٨، الرازى ٦٣/ ٢٦، البحر المحيط ٣٣٢/ ٧).
(٥) سبق الاستشهاد به.