سورة الزمر
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{اِجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ} (١٧)
قرأ الحسن: «اجتنبوا الطّواغيت» (١).
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على حديث الطاغوت وأنه مقلوب، ووزنه فلعوت من طغيت، وقالوا أيضا: طغوت. وقولهم: طغيان دليل على أن اللام ياء، فأصله إذا طغيوت، مصدر كالرّغبوت والرّهبوت والملكوت، ثم قدمت اللام على العين، فصارت طيغوت، ثم قلبت الياء-لتحركها وانفتاح ما قبلها-ألفا، فصارت طاغوت، وكان قياسه إذا كسّر أن يقال: طياغيت، إلا أنه ينبغى أن يكون الطواغيت جاء على لغة من قال: طغوت.
ومثال طواغيت-على ما ترى-فلاعيت، وتبنى مثلها من ضرب فتقول: ضباريت، ومن قتل قلاتيت ومن وأيت ويائيت.
ومثلها سواء الحانوت، وهى فى الأصل حنووت، فعلوت من حنوت؛ لأن الحانوت يحنو على ما فيه، ثم قدمت اللام على العين، فصارت حونوت، ثم انقلبت الواو كما انقلبت فى طوغوت، فصار حانوت، ووزنها فلعوت، وعليه قالوا فى تكسيرها: حوانيت، وهى فلاعيت.
والحانة محذوفة اللام، كالبالة من باليت، وعليه قال عمارة:
وكيف لنا بالشّرب فيها وما لنا … دنانير عند الحانوىّ ولا نقد (٢)
فهذا على النسبة، إلى ناجية ناجوىّ.
ويجوز فى الطواغيت وجه آخر، وهو أن يكون من طغيت، إلا أنه لما قدّم اللام وقلبها، فصارت إلى طاغوت-أشبهت فاعولا، فكسرها بالواو، كعاقول وعواقيل،
&
(١) انظر: (الكشاف ٣٩٣/ ٣، البحر المحيط ٤٢١/ ٧).
(٢) سبق الاستشهاد به.