فإن قيل: فهلاّ أظهر نحو ذلك، وهو ملحق بالتفاعل من غير التضعيف نحو التّنافر، والتّضافر، والتّحاسر، والتّحاسد.
قيل: هذا من أقبح الخطأ؛ وذلك أن الغرض فى الإلحاق إنما هو رفع ذوات الثلاثة إلى ذوات الأربعة، نحو جلبب، وشملل، فهما ملحقان بدحرج وهملج، أو بذوات الخمسة نحو كوألل، فى إلحاقه بسفرجل، مجتازا فى طريقه بقفعدد وسبهلل، أو رفع بنات الأربعة إلى بنات الخمسة، نحو شنّخف، وهلّقس فى إلحاقهما بجردحل. فأما أن تلحق بنات الثلاثة ببنات الثلاثة فلغو من القول، فلم يكن فيه إلاّ فساد معنى قولهم: ملحق؛ لأن الأصل لا يلحق بنفسه، فكذلك أيضا «التنادّ» ثلاثى، كما أن التنافر ثلاثىّ. أفيلحق الشئ بنفسه؟.
ألا ترى أن ندّ ثلاثى، كما أن نفر كذلك؟ وهذا واضح.
ولو جاز هذا للزمك عليه أن تقول فى شدّ وحلّ: شدد وحلل، فتظهرهما، وتقول: هما ملحقان بدخل وخرج.
فإن قلت: فقد قالوا فى فيعل-نحو خيفق وصيرف-وفوعل من رددت: ريدد ورودد، وإن كنا قد أحطنا علما بأن كل واحد من خيفق وصيرف ثلاثىّ الأصل.
قيل: أجل، إلا أنك ألحقت فيهما جميعا ثلاثيا برباعىّ، ألا ترى أن خيفقا وصيرفا ملحقان بجعفر وسلهب؟ فإن قال لك: ابن من ردّ مثل فيعل وفوعل فكأنه إنما قال: ألحق ردّ بجعفر على حدّ فيعل وفوعل، اللذين ألحقتهما به، وهذا واضح، وليس كذلك التفاعل؛ لأن التفاعل ليس ملحقا بشئ، كإلحاق صيرف وجوهر بجعفر، فهذا فرق.
***
{وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ} (٧١)
ومن ذلك قراءة ابن عباس وابن مسعود: «والسّلاسل يسحبون» (١)، بفتح اللام.
قال أبو الفتح: التقدير فيه إذ الأغلال فى أعناقهم ويسحبون السلاسل، فعطف الجملة من الفعل والفاعل على التى من المبتدأ والخبر، كما عودلت إحداهما بالأخرى
(١) وقراءة أبى الجوزاء، وزيد بن على، ويحيى بن وثاب، وعكرمة، وأبى مجلز، وابن يعمر، وابن أبى عبلة. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٣٣، الكشاف ٤٣٦/ ٣، زاد المسير ٥٠/ ٧، شواذ القراءات للكرمانى ٢١٣/ ٢، القرطبى ٣٣٢/ ١٥، العكبرى ١١٨/ ٢، النحاس ٢١/ ٣، الطبرى ٥٥/ ٢٤، مجمع البيان ٥٣٢/ ٨، التبيان ٩٣/ ٩).