عليه بها، وآلته يؤلته بها: إذا قلده إياها، وقال رؤبة:
وليلة ذات ندى سريت … ولم يلتنى عن سراها ليت (١)
أى: لم يثنى عنها ثان.
***
{أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ} (٣٢)
ومن ذلك قراءة الناس: {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ}.
وقرأ مجاهد: «بل هم قوم طاغون» (٢)، فى الطور.
قال أبو الفتح: هذا هو الموضع الذى يقول أصحابنا فيه: إن أم المنقطعة بمعنى بل، للترك والتحوّل، إلا أن ما بعد «بل» متيقّن، وما بعد «أم» مشكوك فيه، مسئول عنه؛ وذلك كقول علقمة بن عبدة (٣):
هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم (٤)
كأنه قال: بل أحبلها إذ نأتك اليوم مصروم؟ ويؤكده قوله بعده:
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبّة يوم البين مشكوم
ألا ترى إلى ظهور حرف الاستفهام، وهو «هل» فى قوله: أم هل كبير بكى حتى كأنه قال: بل هو كبير؟ ترك الكلام الأول، وأخذ فى استفهام مستأنف.
وقد توالت «أم» هذه فى هذا الموضع من هذه السورة، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} (٥)، أى: بل أيقولون ذلك؟، {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ} (٦)، أى: بل أهم قوم طاغون؟ أخرجه مخرج الاستفهام، وإن كانوا عنده تعالى قوما طاغين؛ تلعّبا بهم، وتهكما عليهم. وهذا كقول الرجل لصاحبه الذى لا يشك فى جهله: أجاهل أنت؟ توبيخا له، وتقبيحا عليه. ومعناه: إنى قد نبهتك على
(١) غير موجود فى ديوانه.
(٢) انظر: (البحر المحيط ١٥١/ ٨).
(٣) انظر: (المفضليات ٣٩٦،٣٩٧، منتهى الطلب ٢٧/ ١:٢٩، شعراء الجاهلية ٤٩٨:٥٠٢، الأغانى ١١١/ ٢١،١١٢، العينى ٥٧٦/ ٤).
(٤) حبلها: وصلها، مصروم: مقطوع.
(٥) سورة الطور الآية (٣٠).
(٦) سورة الطور الآية (٣٢).