قال أبو الفتح: حكاها قطرب-فيما رويناه عنه- «ليلا»، بكسر اللام، وسكون الياء، (١) وقال: حذف همزة «أن»، وأبدل «النون» ياء، هكذا قال.
والذى حكاه ابن مجاهد: بفتح اللام، وسكون الياء.
وما ذكره قطرب من الكسر أقرب؛ وذلك أنه إذا حذف «الهمزة» بقى بعد ذلك «لنلا»، فيجب إدغام النون فى اللام، فيصير اللفظ «للاّ»، فتجتمع اللامات، فتبدل الوسطى لإدغامها وانكسار ما قبلها، فتصير «ليلا»، كما أبدلوا راء قرّاط، ونون دنّار لذلك، فقالوا: قيراط، ودينار-وميم دمّاس، فقالوا كذلك: ديماس، فيمن قال: دماميس، وباء دبّاج، فقالوا: ديباج، فيمن قال: دبابيج.
وأما فتح اللام من «ليلا» فجائز هو والبدل جميعا؛ وذلك أن منهم من يفتح لام الجر مع الظاهر.
حكى أبو الحسن عن أبى عبيدة أن بعضهم قرأ: «وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال» (٢)، وحسن أيضا مع «أن» لمشابهتها المضمر، كما يشبه المضمر الحرف، فيبنى. وعليه اختاروا: {وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا} (٣)، فجعلوا اسم كان «أن قالوا». لأنه ضارع المضمر بالامتناع من وصفه، كالامتناع من وصف المضمر. والمضمر أعرف من «جواب قومه». وإذا كان أعرف كان بكونه اسم كان أجدر.
وأما إبداله أحد المثلين مع الفتح فقد جاء ذلك، ألا ترى إلى قول سعد بن قرط:
يا ليتما أمّنا شالت نعامتها … أيما إلى جنّة أيما إلى نار (٤)
يريد: أما، بالفتح.
ومثله ما رويناه عن قطرب أيضا من قول الراجز:
لا تفسدوا آبالكم … أيما لنا أيما لكم (٥)
فاجتمع من ذلك أن صار اللفظ إلى «ليلا»، وعليه قال الخليل: فى لن: إن أصلها «لا أن»، فحذف الهمزة تخفيفا، والألف لالتقاء الساكنين.
***
(١) انظر: (الكشاف ٦٩/ ٤، القرطبى ٢٦٨/ ١٧، الرازى ٢٤٨/ ٢٩).
(٢) سورة إبراهيم الآية (٤٦).
(٣) سورة الأعراف الآية (٨٢).
(٤) سبق الاستشهاد به فى صفحة ٤٠٠/ ١.
(٥) سبق الاستشهاد به فى صفحة ٤٠٠/ ١.