وينبغى أن يحمل على هذا أيضا قوله عليه السلام: «ارجعن مأزورات غير مأجورات»، يريد: موزورات، ثم تقلب الواو؛ لما ذكرنا-ألفا. وعلى أنه قد يمكن أن يكون قلب الواو همزة هنا إتباعا لمأجورات.
***
{جَدُّ رَبِّنا} (٣)
ومن ذلك قراءة عكرمة: «جدّا ربّنا» (١).
وروى عنه: «جدّ ربّنا» (٢)، وغلّط الذى رواه.
قال أبو الفتح: أما انتصاب «جدّا» فعلى التمييز، أى: تعالى ربنا جدّا، ثم قدّم المميّز، على قولك: حسن وجها زيد.
فأما «جدّ ربّنا» فإنه على إنكار ابن مجاهد صحيح؛ وذلك أنه أراد: وأنه تعالى جدّ جدّ ربّنا على البدل، ثم حذف الثانى، وأقام المضاف إليه مقامه. وهذا على قوله سبحانه: {إِنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ} (٣)، أى: زينة الكواكب، ف «الْكَواكِبِ» إذا بدل من «زينة».
فإن قلت: فإن الكواكب قد تسمى زينة، والربّ «تعالى» لا يسمى جدّا.
قيل: الكواكب فى الحقيقة ليست زينة، لكنها ذات الزينة. ألا ترى إلى القراءة بالإضافة وهى قوله: «بزينة الكواكب» (٤)؟ وأنت أيضا تقول: تعالى ربّنا كما تقول: تعالى {جَدُّ رَبِّنا}. فالتعالى مستعمل معهما جميعا، كما يقال: يسرّنى زيد قيامه، وأنت تقول: يسرنى زيد، ويسرّنى قيامه. وهذا بيان ما أنكره ابن مجاهد.
***
(١) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٦٣، القرطبى ٩/ ١٩، البحر المحيط ٣٤٨/ ٨).
(٢) انظر: (القرطبى ٩/ ١٩، البحر المحيط ٣٤٨/ ٨).
(٣) سورة الصافات الآية (٦).
(٤) هى قراءة ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائى، وأبى عمرو، والحسن، ويحيى بن وثاب، والأعمش، وشعبة، ويعقوب، وأبى جعفر، وخلف. انظر: (الإتحاف ٢٦٨، البحر المحيط ٣٥٢/ ٧١، السبعة ٤٧، النشر ٣٥٦/ ٢، التيسير ١٨٦، القرطبى ٦٥/ ١٥، الطبرى ٢٤/ ٢٣، الفراء ٣٨٤/ ٢، الأخفش ٤٥١/ ٢، غيث النفع،٣٣٤).