وقرأ: «المفرّ» الزهرى (١).
قال أبو الفتح: «المفرّ»، بفتح الميم، والفاء-المصدر، أين الفرار. و «المفرّ» -بفتح الميم، وكسر الفاء-الموضع الذى يفر إليه. «والمفرّ» -بكسر الميم، وفتح الفاء- الإنسان الجيد الفرار، كقولهم: رجل مطعن ومضرب، أى: مطعان ومضراب. قال (٢):
مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا (٣) …
معناه: أين الإنسان الجيد الفرار؟ ولن ينجو مع ذلك، لا أنّ هناك مطمعا فى الحياة.
***
{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ} (٢٨)
ومن ذلك قراءة ابن عباس: «وأيقن أنّه الفراق»، وقال ابن عباس فى تفسيره: ذهب الظن.
قال أبو الفتح: ينبغى أن يحسن الظن بابن عباس، فيقال: إنه أعلم بلغة القوم من كثير من علمائهم، ولم يكن ليخفى عليه أنّ ظننت قد تكون بمعنى علمت، كقوله: (٤)
فقلت لهم ظنّوا بألفى مدجّج … سراتهم فى الفارسىّ المسرّد (٥)
أى: أيقنوا بذلك وتحققوه، لكنه أراد لفظ اليقين الذى لا يستعمل فى الشك، وكأنه قال: ذهب اللفظ الذى يصلح للشك، وجاء اللفظ الذى هو تصريح باليقين. إلى هذا ينبغى أن يذهب بقوله، والله أعلم.
***
&
= ٢١٠/ ٣، الإتحاف ٤٢٨، البحر المحيط ٣٨٦/ ٨، الرازى ٢١٩/ ٣٠، مختصر شواذ القراءات ١٦٦).
(١) وقراءة الحسن. انظر: (مجمع البيان ٣٩٣/ ١٠، البحر المحيط ٣٨٦/ ٨).
(٢) من معلقة امرئ القيس وعجزه: «كجلمود صخر حطه السيل من عل». انظر: (ديوانه:٥٢).
(٣) الكر: العطف، يقال كر فرسه على عدوه؛ أى: عطفه عليه، والكر والكرور جميعا الرجوع، يقال كر على قرنه يكر كرا وكرورا، والمكر مفعل من كر يكر، ومفعل يتضمن مبالغة كقولهم: فلان مسعر حرب وفلان مقول ومصقع، وإنما جعلوه متضمنا مبالغة لأن مفعلا قد يكون من أسماء الأدوات.
(٤) دريد بن الصمة يرثى أخاه عبد الله. انظر: (ديوان الحماسة ٢٢٩/ ١).
(٥) المدجج: التام السلاح، وظنوا؛ أى: أيقنوا، السراة: الأخيار، الفارس المسرد الدروع، السرد: التتابع. انظر: (هامش ديوان الحماسة ٢٢٩/ ٧).