والدّليل على ما نقوله: أنّ هذا غير مكلَّفِ، فلم يجز الائتِمَام به كالمجنون، فَمَنْ صلَّى معه، فإنّه يعيدُ أَبَدًا، قاله ابنُ حبيب، وبه قال أبو حنيفة (١).
قال القاضي (٢): وهذا مَبْنِيٌّ على أنّه (٣) لا يجوز أنّ يصلِّي أحدٌ الفريضةَ وراءَ من يصلِّي النّافلة.
وقول أبِي مُصْعَب يحتملُ عندي وجهين:
١ - أحدُها: أنّ هذه الصّلاة جازت وراء الصّبىِّ لَمَّا صلّاها بنِيَّة الفَرْضِ، فعلى هذا لا تجوز الصّلاة وراء المُتَنَفِّل.
٢ - ويحتملُ أنّ يُبْنَى على تجويز صلاة الفريضة خَلْفَ المُتَنَفِّل؛ لأنّ صلاة الصَّبىِّ نافلةٌ، وهو مذهب الشّافعيّ.
والدَّليلُ على المنع من ذلك: أنّ كلَّ مَنْ أدَّى بنيَّةِ إِمَامِهِ أجزأته (٤)، فإذا أَدَّاها بغير نيَّتِهِ لم تجزئه كالجمعة.
المسألة السادسة (٥):
أمّا الّنقصان في الدِّين، فإنه فِسْقٌ وكُفْرٌ. فأمّا الفسقُ، فقد حَكَى القاضي أبو محمد عبد الوهّاب (٦) عن مالك؛ أنّه يمنع صِحَّةَ الإمامةِ، وحكاه ابن القصّار (٧).
والدليل على ذلك: أنّ هذا نوع فِسْقٍ يجب أنّ يمنع الإمامة كالكُفْر.
المسألة السابعة (٨):
من صلَّى وراءه (٩)، فقد قال الأبْهَرِيُّ: إنّ ذلك على قسمين (١٠): فما كان بتأويلٍ أَعَادَ في الوقت. وما كان فسقًا باجماعٍ أعاد أبدًا.
(١) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٣٧، والمبسوط: ١/ ١٨٠.
(٢) الكلام موصول للأمام الباجي.
(٣) في المننقى: "وهذه المسألة بيّنةٌ عندي على أنّه".
(٤) في المنتقى: "لم تجزه".
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٣٦.
(٦) في التلقين: ٣٧.
(٧) انظر عيون المجالس: ١/ ٣٦٩.
(٨) هذه المسألة مقبسة من المنتقى: ١/ ٢٣٦.
(٩) أي وراء الفاسق.
(١٠) انظر هذا التقسم في عبون المجالس: ١/ ٣٧٠ حيث حكاه ابن القصار عن الأبهري.