ضعيفةٌ؛ (١) لأنّه قد صلّى جابر (٢) في ثَوْبٍ واحدِ اتَّزرَ بِهِ وثيابُه على المِشْجَبِ، وقال لمن أنكر عليه: "إنمَّا فعلتُ ذلك لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ" (٣).
فعلى (٤) قول أبى الفَرَجِ؛ إنّ ستر العورة فرضٌ من فروض الصّلاة (٥)، وبه قال أبو حنيفة (٦)، والشّافعىّ (٧).
وقال إسماعيل القاضي: إنّها من سُنَنِ الصّلاة، وبه قال ابن بُكَيْر والأبْهَرِيّ.
المسألة الثّانية (٨): في التوجيه
فائدة الخلاف في ذلك؛ أنّا إذا قلنا: إنّها من فروض الصّلاة، بطلت بعدم ذلك. وإذا قلنا: إنّها ليست من فروض الصّلاة، أَثِمَ التّاركُ ولم تبطل.
ووجه القول الأوّل: الحديث المروي عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا يَقبَلُ اللهُ صلاة حائضِ إلَّا بِخِمَارٍ" (٩).
ومن جهة القياس: أنّ هذه عبادة من شرطها الطّهارة (١٠)، فوجب أن يكون من شرطها ستر العورة، كالطواف بالبيت عريانًا، والصحيح أنّه فرض إسلاميّ جاء به صاحب الشَّرعِ.
(١) يحتاج الأمر إلى توضيح، وخيرُ مَنْ تكلم في المسألة الإمام المازري حيث في الّذي شرح التلقين: ٢/ ٤٧٣ " وذكر أبو الفَرَج أنّ لمالك في الواجب من اللباس للصلاة كلامين: أحدهما ما يدلُّ على وجوبه، وهو قوله في المكفر عن يمينه: إنّه يكسو للرجل ثوبًا وللمرأة درعًا وخمارًا، وذلك أدنى ما يجزىء في الصّلاة ... والكلام الثّاني الموهم أنّه سنّة قوله في الحرة: تصلّي بادبة الصدر أو الشعر، أنّها تعيد في الوقت. قال أبو الفَرَج: وبما دلّ عليه قوله من الوجوب أقول. قال المازري: وحمل بعض أشياخي هذا الّذي نقلناه عن أبي الفرج على أنّ الواجب ستر جميع البدن على حسب ما فصله مالك".
(٢) في النُّسَخِ: "ثابت" والمثبت من القبس.
(٣) أخرجه البخاريّ (٣٥٢)، ومسلم (٣٠٠٨) من حديث محمد بن المُنْكَدِر.
(٤) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من المنتقى: ١/ ٢٤٧، وهو المسألة الأولى.
(٥) انظر عيون الأدلة: لوحة ١٦٩/ أ - ب ومختصرة عيون المجالس: ١/ ٣٠٧، وعقد الجواهر الثمينة: ١/ ١١٥ (ط. لحمر)، والذخيرة: ٢/ ١٠٢.
(٦) انظر المبسوط: ١/ ١٨٧.
(٧) في الأم: ٢/ ٨٨، وانظر الحاوي الكبير: ٢/ ١٦٥.
(٨) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٤٧ بتصرُّف.
(٩) أخرجه أحمد: ٦/ ٢١٨، وأبو داود (٦٤١)، وابن ماجه (٦٥٥)، والترمذي (٣٧٧) وقال: "حديث حَسَنٌ"، وابن الجارود (١٧٣)، وابن خزيمة (٧٧٥)، وابن حبان (١٧١١) ,. والحاكم: ١/ ٢٥١ وصححه، والبيهقي: ٢/ ٢٣٣ كلهم من حديث عائشة.
(١٠) ولها تعلق بالنية.