الخامس (١):
خوف المرض في البلاد الوَخِيمَةِ (٢)، والخروج منها إلى أرض النُّزْهَةِ، وقد أَذِنَ اللهُ للنّبيَّ -عليه السّلام- في الدُّعاء حين اسْتَوخَمُوا (٣).
السّادس (٤): الفرارُ خوف الإذاية في المال
فإن حُرمَةَ مَالِ المسلم كحرمةِ دَمِهِ، وهذا قسم الهرب، وأمّا قسم الطَّلَبِ، فينقسم إلى قسمين: طلبُ دِين، وطلب دُنيا.
فامّا طلب الدِّين، فيتعدّدُ بِتَعَدُّدِ أنواعه، ؤلكن أمّهاته الحاضرة الآن في الخاطر (٥) سبعة:
الأوّل: سَفَرُ العْبرَةِ. قوله سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} (٦).
ويقال: إنّ ذا القرنين إنّما طاف (٧) ليرى عجائبها. وقيل: لينفذَ الحقَّ فيها.
الثّاني: سَفَرُ الحجِّ. والأوَّلُ وإن كان نَدْبًا فهذا فَرْضٌ، وقد بيَّنَّاهُ في موضعه.
والثّالث: سَفَرُ الجهاد، وله أحكامٌ كثيرة يأتي إنّ شاء الله بيانها في "كتاب الجهاد".
الرّابع: سَفَرُ المعاش؛ فقد يتعذَّر على المرء معاشه مع الإقامة، فيخرج في طلبه لا يريد غيره ولا يزيد عليه، وهو فَرضٌ عليه.
الخامس: سَفُر التجارة والكَسبِ الكثير الزّائد على القُوتِ، وذلك جائزٌ بفضل الله سبحانه، قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (٨) يعني التِّجارة، وهذه نعمةٌ.
(١) انظره في أحكام القرآن: ١/ ٤٨٥.
(٢) هي البلاد الّتي لا ينجع كلؤها, ولا توافق ساكنها.
(٣) ويمكن أنّ تقرأ: "استوحشوا" وتتمَّةُ الكلام كما في الأحكام: "استوخموا المدينة أنّ يتنزّهوا إلى المسرح، فيكونوا فيه حتّى يَصحُّوا، وقد استثنى من ذلك الخروج من الطّاعون، فمنع اللهُ سبحانه منه بالحديث الصّحيح عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، بَيْدَ أنّي رأيتُ علماءنا قالوا: هو مكروه".
(٤) انظره في أحكام القرآن: ١/ ٤٨٦.
(٥) جـ: "الذهن".
(٦) الروم: ٤٢، أمّا في الأحكام فقد استدلَّ بالآية: ١٠٩من سورة يوسف.
(٧) أي طاف الأرض.
(٨) البقرة: ١٩٨.