النَّبيَّ لم يذكره، إنّما قال: "والجبهة" وإلاّ فهو ظَنٌّ من الرّاوي لا تقوم به حُجَّة، وقاله أيضًا ابن القاسم.
والقولُ الثّالث: ذكر أبو الفَرَج المالكي (١) في "الحاوي": أنّه من صلَّى فسجدَ على أَنْفِه دون جبهته أنّه لا يعيد؛ لأنّ بعض الوجه وَجْهٌ، كما أنّ بعضَ الرَّأسِ رأسٌ. وقد بيَّنَّا فساده في "الكتاب الكبير".
وأمّا السُّجودُ على العمامة، فقد أجازَهُ ابن القاسم.
الالتفاتُ والتّصفيقُ في الصَّلاة عند الحاجة
مالك (٢)، عن أبي حازِم بن دينار، عن سَهْلِ بن سعدٍ السَّاعديِّ؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عَمْرو بن عوْفٍ لِيُصْلِحَ بينهم، وحَانَتِ الصّلاةُ، فجاءَ المُؤَذِّنُ إلى أبي بكرِ الصِّدِّيق، فقال: أتُصَلِّي للنَّاسِ فَأُقيمَى؟ قال: نعم، فَصلَّى أبو بكرٍ، فجاء رسولُ الله والنّاسُ في الصَّلاةِ، فَتَخَلَّصَ حتَّى وَقَفَ في الصَّفِّ الحديث.
التّرجمةُ (٣):
بوَّبَ مالكٌ - رحمه الله - على الالتفات في الصّلاة؛ لأنّه عَمَلٌ خارج عنها، مضادّ لإقبال، ولكن سمح في اليسير عند الحاجة.
وبَوَّبَ أيضًا عليه، لِمَا رُوِيَ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يلتفتُ في صلاتِهِ يَمِينًا وشِمَالًا، غيرَ أنَّهُ لا يَلْوِي عُنُقَهُ. رواه الشّعبي وغيره (٤).
قال علماؤنا: وإنّما نخافُ أنّ يدخل في قول النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "وأَمَّا الآخرُ فأَعْرَضَ، فأَعْرَضَ اللهُ عنه" (٥).
(١) هو أبو الفرج عمر بن محمد اللّيثي (ت. ٣٣١)، انظر أخباره في ترتيب المدارك: ٥/ ٢٣.
(٢) في الموطّأ (٤٥١) رواية يحيى.
(٣) انظرها في القبس: ١/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٤) أخرجه البخاريّ (٦٦)، ومسلم (٢١٧٦) من حديث أبي واقد الليثي.
(٥) هو جزء من الحديث السابق.