هذا ابن أمّ مكتومٍ الّذي عاتَبَ اللهُ فيه نَبِيَّهُ - صلّى الله عليه وسلم -، أَتَى النَّبِيَّ (١) وعِنْدَهُ عُتْبَة أو شَيْبَة أو أُبَيِّ بن خَلَف الجمحي (٢)، فأقبل عليه، فنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} (٣) وقالت عائشة - رضي الله عنها -: لو كَتَمَ رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - شَيْئًا من الوَحْيِ لكتَمَ هذا.
وقيل: جاءَهُ وعِنْدَه رجلٌ من عُظَمَاء قُرَيْش، فقال له: علمني ممّا عَلَّمَكَ اللهُ، فأعرضَ عنه، قال: فنزلتِ السُّورة (٤).
حديث مالك (٥)، عن زيد بن أَسْلَم، عن أبيه؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يَسِيرُ في
بعض أَسْفَارِهِ، وعمرُ يسيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فسأَلَهُ عمرُ عن شيءٍ، فلم يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ
يُجِبْهُ، ثمّ سأَلَهُ فلم يُجِبْهُ. فقال عمر: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عُمَرُ، نَزَرْتَ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - ثَلاثَ
مَرَّاتٍ، كُلُّ ذلك لا يُجِيبُكَ (٦)، قال عمر: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي، حتَّى إذا كنتُ أمامَ النَّاسِ،
وَخَشِيتُ أنّ يَنْزلَ فيَّ قرآنٌ ... الحديث إلى قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} الآية (٧).
ذكر الفوائد المنثورة في هذا الحديث (٨):
وهي ثمان فوائد:
الفائدة الأولى (٩):
فيه: من وجوه العلم: إباحةُ المشي على الدَّوَابِّ" باللَّيل، وهذا (١٠) محمولٌ عند أهل العِلْمِ على من لا يمشي بها نهارًا؛ لأنّه قد أمرَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بالرِّفْقِ والإتيان عليها والإحسانِ إليها.
الفائدة الثّانية (١١):
فيه: أنّ للعالِمِ إذا سُئِلَ عمّا لا يريد الإجابةَ فيه أنّ يَسْكُتَ ولا يُجيب بنَعَمْ، ولا
(١) - صلّى الله عليه وسلم -.
(٢) في الاستذكار والتمهيد: "وعنده عتبة وشيبة".
(٣) عبس: ١ - ٢.
(٤) أخرجه الطّبريّ في تفسيره: ٣٠/ ٥١.
(٥) في الموطّأ (٥٤٤) رواية يحيى.
(٦) غ: "لم يجبك".
(٧) الفتح: ١.
(٨) جـ: "المتعلّقة بهذا الحديث".
(٩) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ٧٤ - ٧٥.
(١٠) غ: "وهو".
(١١) بعض هذه الفائدة مستفادٌ من الاستذكار: ٨/ ٧٥.