وقال محمّد بن كعب (١): من ابتدأَ اللهُ خَلْقَهُ بالضَّلالةِ، صَيَّرَهُ إلى الضَّلالةِ وإنْ عَمِلَ بأعمال الهُدَى، ومن ابتدأَ اللهُ خَلْقَهُ على الهُدَى، صَيَّرَهُ اللهُ إلى الهُدَى وإن عملَ بعمل أهل الضَّلالةِ. كما ابتدأ خَلْقَ إبليس على الضلالة (٢)، وعملَ بعمل السُّعداء مع الملائكة، ثمّ ردَّهُ اللهُ إلى ما ابتدأَ عليه خَلْقه من الضّلالة، فقال فيه: {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (٣). وابتدأ خَلْق السَّحرةِ على الهُدَى، وعملُوا بعمل أهل الضّلالة، ثمّ هداهم الله إلى الهدى والسعادة، وتوفّاهم عليها.
تكملة (٤):
اختلفَ العلّماءُ في الأطفال:
فقالت طائفة: أولاد النّاسِ كلّهم المؤمنون والكافوون إذا ماتوا أطفالًا صغارًا لم يبلغُوا، هم في مشيئة اللهِ يصيِّرهم إلى ما شاءَ من رحمته، وذلك كلُّه عَدْلٌ منه، وهو أعلمُ بما كانوا عامِلِينَ، وهذا قولُ جماعةٍ من نَقَلَةِ الخَبَرِ والأَثَرِ.
وقال قوم: أطفالُ المسلمينَ في الجنَّةِ، وأطفالُ المشركينَ في النّار.
وقيل: في المشيئة، وحُجَّتُهم حديث أبي هريرة.
واحتجَّ من قال: إنّ أطفال الكفّار في النّار وأطفال المسلمين في الجنّة، بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} الآية (٥).
وقال آخرون: أطفال المسلمين والكافرين في الجَنَّة.
وقال قوم: هم خُدَّامُ أهل. الجنّة، يعني أولاد المشركين خاصة، ويشهد له
الحديث، قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "النَّبِيُّ في الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ في الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ في الْجَنّةِ" (٦).
ومن حديث عائشة قالت: سَألَت خديجةُ النّبىَّ - صلّى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين فقال: "هم مع آبائهم"، ثمّ سألته بعد ذلك فقال: "اللهُ أعلمُ بما كانوا عَامِلِينَ"، ثم سألته بعد
(١) أخرجه بنحوه الطّبريّ في تفسيره: ١٠/ ١٤٣، ط. هجر وابن أبي حاتم في تفسيره: ٥/ ١٤٦٣.
(٢) غ، جـ: "بالضلالة" والمثبت من الاستذكار.
(٣) البقرة: ٣٤.
(٤) أغلب ما تحت هذه التكملة منتقى من الاستذكار: ٨/ ٤٠١ - ٤٠٣.
(٥) الطّور: ٢١.
(٦) أخرجه أحمد: ٤٣/ ١٩٠، ١٩٢، وأبو داود (٢٥٢١).