النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - سمّاها فويسقة (١)، غير أنّ مالكًا كرّه للمُحْرِم أنّ يقتلها في حلٍّ أو حَرَمٍ (٢)، ومعنى ذلك أنّه لا تكون غالبًا إلّا في البيوت، وحيث يدفع مضرّتها الحلال وقصر مدة الإحرام، والفرق بينها وبين الفأرة أنّها أكثر أذى وأسرع في الفرار والعَدْوِ.
قال القاضي (٣): فهذا إنّما هو من مالك على وجه الكراهية؛ لأنّ عائشة قالت: سمّاه النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - "فُوَيْسِقًا" (٤) ولم يسمع أنّه أمر بقتلها أعني الوزغ. وقال مالك: قد سمعت أنّ النّبىّ - صلّى الله عليه وسلم - أمر بقتلها (٥)، مجمل ذلك على حال الإحلال، سواء كان في الحرم أو في غيره، لما (٦) قدّمنا من الأدلّة.
فإن قتلها المُحْرِمُ، فقد قال مالك: يتصدَّق بشيء مثل شحمة الأرض.
ووجه ذلك: أنّه يضعف عن الضَّرَرِ ابتداءًا، ويضعفُ عن الفرار، ولا يوجد إلّا نادرًا، فأشبه سائر الهوام.
المسألة السَّابعة (٧):
لم يختلف قولُ مالك في الأسد والنّمر والفهد أنّه يجوز للمُحْرِم قتلها، واختلف قوله في الذِّئب، فروى عنه ابنُ عبد الحَكَمِ إباحة ذلك ومنعه (٨).
المسألة الثَّامنة (٩):
وأمّا قتلُ صغار الأسود والنّمور والفهود، هل يقتل ابتداءًا أم لا؟
فروى البَرْقِيُّ (١٠) عن أشهب جواز ذلك (١١).
(١) في المنتقى: "فاسقة" والحديث أخرجه البخاريّ (١٨٣١)، ومسلم (٢٢٣٩) عن عائشة.
(٢) انظر النوادر: ٢/ ٤٦١.
(٣) الكلام موصول للإمام الباجي.
(٤) أخرجه مسلم (٢٢٣٨) عن عامر بن سعد عن أبيه.
(٥) أورده ابن المواز في الموازية كما في النوادر: ٢/ ٤٦١.
(٦) في الأصل: "ما" والمثبت من المنتقي.
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٢/ ٢٦٢.
(٨) انظر رواية ابن عبد الحَكم في النوادر والزيادات: ٢/ ٤٦٢.
(٩) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٦٢.
(١٠) هو أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرّحمن المصريّ (ت.٢٤٥) له مجالس وسماع من كتب أشهب، انظر ترتيب المدارك: ٤/ ١٥٤ - ١٥٥.
(١١) انظر رواية البرقيّ في النوادر والزيادات: ٢/ ٤٦٣.