المسألة الثّالثة عشرة (١):
فإذا ثبت ذلك، فقد اخْتُلِفَ في المعنى المراعى في جواز الفرار، فالّذي عليه الجمهور (٢) من علمائنا: أنّه العدد، وبه قال ابنُ القاسم.
وروى ابن الماجشون عن مالك أنّه الجَلَدُ والسِّلاح والقُوّة (٣).
ووجه القول الأوّل: قوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} الآية (٤).
ووجه (٥) القول الثّاني: قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الَاية (٦).
المسألة الرّابعة عشرة (٧):
" إذا بَعَث سَرِيَّةَ" (٨). السَّرِيَّةُ هي الّتي تدخل دار الحرب مستخفية، والجيش: هو الّذي يدخل معلنًا, وليس لعددها حدٌّ (٩)، وقد روي: "خيرُ السَّرايَا أربعُ مِئَةٍ، وخيرُ الجيوشِ أربعةُ آلافٍ، ولن يُغلَبُ اثنا عشرَ ألفًا من قِلَّةٍ" (١٠).
(١) اقتبس المؤلِّفُ هذه المسألة من المنتقى: ٣/ ١٧١.
(٢) وهو الْذي عَبَّر عنه ابن حيب في الواضحة -كما في النوادر والزيادات: ٤٨ - بقوله: "وهم أكثر".
(٣) أورد هذه الرِّواية ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: ٤٨ نقلًا عن ابن حبيب الّذي مال إلى هذا الرأي، وانظر الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٣٨٠.
(٤) الانفال: ٦٦.
(٥) هذا الوجه ساقط من المنتقى: ٣/ ١٧٠.
(٦) الانفال: ٦٠.
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٧١.
(٨) هو قول عمر بن عبد العزيز في الموطَّأ (١٢٩٣) رواية يحبى، ورواه عن مالك: أبو مصعب، ويروى موصولًا من طرق، بيأنّها في التمهد: ٢٤/ ٢٣٢.
(٩) انظر العتبية: ٣/ ٥٧٥.
(١٠) أخرجه أحمد: ١/ ٢٩٤، والدارمي (٢٤٤٣)، وعبد بن حميد (٦٥٢) , وأبو داود (٢٦٠٤)، والترمذي (١٥٥٥). وقال: "هذا حديث حسن غريب ... وإنّما روِيَ هذا الحديث مرسلًا". وابن حبّان (٤٧١٧)، والحاكم: ١/ ٤٤٣، وقال: "إسناده صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، كما أخرجه البيهقي: ٩/ ١٥٦ كلهم، عن ابن عبّاس، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على مختصر سنن أبي داود: ٣/ ٤١٦.