المسألة الخامسة عشرة (١):
قوله: "وَلَا تَغْدِرُوا" هو ترك الوفاء للمشركين وغيرهم، ولا خلاف في المنع. وقد روى ابن عمر قال: سمعت النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - يقول: "لِكُل غَادِرٍ لِوَاءٌ يُتصَبُ لَهُ يوم القيامةِ بغَدْرَتهِ" (٢).
المسألة السّادسة عشرة (٣): في صفة التّأمين
والتّأمين عند علمائنا على ضربين:
أحدهما: أنّ يؤمّن العدوِّ بحيث القوّة للمسلمين، فهذا لا يجوز الغَدْر به، ولا خلافَ في ذلك.
والثّاني: أنّ يُؤَمَّنَهُم الأسير في أيديهم ابتداءً، أو يطلقونه من الثّقاف بشرط ذلك، وذلك يتناول أحد أمرين:
أحدهما: أنّ يُؤَمَّنَهُم على أنفسهم، وسيأتي بيانُه إنَّ شاء الله تعالى.
والثّاني: أنّ يؤمَّنَهُمْ من فراره وأخذ شيءٍ من أموالهم، فإن أَمّنَهُم من فِرَارِه لزم الوفاء به. قاله ابن القاسم (٤).
وقال الثّوريّ: إنَّ له أنّ يفرّ (٥).
ودليلُنا قولُه تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} الآية (٦)، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (٧).
وهذا إنّما يلزمه الوفاء به إذا عاهدهم مختارًا، وأمّا إنْ أُكرِهَ عليه فلا يلزمه الوفاء (٨).
(١) هذه المسألة مقتبة من المنتقي: ٣/ ١٧١.
(٢) أخرجه البخاريّ (٦١٧٨)، ومسلم (١٧٣٥) بلفظ: ((... يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان".
(٣) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقي: ١/ ١٧١.
(٤) أورد هذا القول ابن أبي زيد في النوادر: ٤٠٠ نقلًا عن ابن المراز.
(٥) نقله ابن أبي زيد في النوادر والزبادات: ٤٠٤ عن ابن سحنون.
(٦) الإسراءِ: ٣٤.
(٧) النحل:٩١.
(٨) قاله في كتاب ابن المراز كما في النوادر: ٩٥، وفي العتبية: ٢/ ٥٩٢ من رواية عيسى بن دينار، قال ابنُ القاسم: "إذا أمّنهم عن تهديد بالقتل فلا أمان لهم".