وأمّا الاطريف (١) ففي "المُدَوَّنة" (٢) أنّه كان مالك يُجيزُ أكله ثمّ كرهه، وقال ابنُ القاسم: أرى أنّ لا يُؤكل. فظاهرُ لفظ ابنِ القاسم المنع جملة، ولو حُمِلَ على التّحريم لَمَا بَعُدَ.

ووجهُ جواز ذلك: أنّه قصد إلى استباحة أكله؛ لأنّ ما تجدُه عليه من الوجه المانع من أَكلِه لا يظهر إِلَّا بعد تمام الذَّكاة, فصح قصده إلى إباحته.

ووجهُ روايةِ المنع: أنّ هذه ذبيحةٌ مُنِعَ منها الذَّابحُ بالشَّرعِ، فَمُنِعَ منها غيرُهُ، كالصَّيدِ يذبحُهُ المُحْرِم.

المسألة الحادية عشرة (٣):

قال محمّد (٤): تُؤكل ذبيحة السّامرية (٥)، وهم صنفٌ من اليهود لا يؤمنون بالبَعْثِ. ويُنْهَى المسلمون عن الشِّراءِ من مجازِرِ اليهود (٦)، وُينْهَى اليهود عن البيع منهم، فمن اشترى منهم من المسلمين فهو رجل سُوءٍ، ولا يُفْسَخ شِرَاؤُه وقد ظَلَم نفسَهُ، إِلَّا أنّ يشتريَ منهم مثل الاطريف وشبهه ممّا لا يأكلونه، فيُفسخُ على كلِّ حالٍ. رواه ابنُ حبيب (٧) عن مُطَرِّف وابنِ الماجشون.

(١) كذا بالأصول ولم نتبين معني الكلمة، ولعلّها تكون تصحيفًا بكلمة: "الظرابين" الواردة في المدوّنة: ١/ ٤٢٦ قال مالك: "لا بأس بأكل الضّبّ والأرنب والوبر والظرابين" قال الجبي في شرح غريب ألفاظ المدوّنة: ٤٨ "الظرابيت كلذا وأحدها ظربيب كذا وهو أيضًا في قَدْرِ الكلب تأكله طائفة من البربر".
(٢) انظر تعليقنا السابق.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١١٢.
(٤) انظر قول ابن الموّاز في النوادر والزيادات: ٤/ ٣٦٦.
(٥) (les samaritain) انظر أخبارهم في: الملل والنحل: ١/ ٥١٥.
(٦) قال ابن القاسم في المدوّنة: ١/ ٤٣٣ "ويكره مالك شراء اللحم من مجازرهم أي مجازر اليهود والنصارى ولا يراه حرامًا".
(٧) في الواضحة، كما نصّ على ذلك ابن أبي زيد في نوادره: ٤/ ٣٦٧.