وقال ابنُ حبيب (١):" والحَنْتَمُ الجَرُّ، وهو كلُّ ما كان من فخَّارٍ أخضر أو أبيض"، وهو يحتاجُ إلى تأويلٍ؛ لأنّه ليس كلُّ فخَّارِ حَنتَمٌ، وإنّما الحَنْتَمُ ما طُلِيَ مِنَ الفخَّار بالزُّجاج، والعلَّة فيه: تعجيل شدّة الشَّراب.
المسألة الرّابعة (٢):
أمّا "النَّقيرُ" فهو العُودُ المنقور.
وقد رَوَى ابنُ حبيبٍ عن مالك أنّه أَرخصَ فيه، ورُوِيَ عنه أَنَّه كَرِهَهُ، وهو عنده كالمُزَفَّتِ.
ووجهُ الرِّواية الأولى: أنّه لا يبلغ من التّعجيل مبلغ المزفّت، وقد ورد الحديث: "وكُنتُ نَهيتُكُمُ عَن الانْتِبَاذِ في الأَوْعِيَةِ فانتبِذُوا فِيهَا".
ووجه الرِّواية الثّانية: إنّه ظرفٌ يعجل تغيير ما ينبذ به، فوجب أنّ يمنع الانتباذ فيه كالمُزَفَّتِ.
فصل القول في الخليطين
ثبت (٣) عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - النَّهيُ مطلقًا ومقيدًا، كالبُسْرِ والرُّطَبِ جميعًا، والتَّمْرِ والزَّبِيبِ جميعًا (٤)، وما أشبهَ ذلك.
وهذه مسألةٌ ما علمتُ لها وجهًا إلى الآن، فإنّه إنَّ كان المُحَرِّم الإسكارَ، فَدَعْهُ يَخلِطُ ما شاء ويَشْرَبُه في الحال، وأمّا غيرُ ذلك فليس فيه إِلَّا الاتِّباعُ، حتّى إنِّي قد رأيت في ذلك مسألتين غريبتين:
(١) في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ٩٤ ١/ ٤٢٩ أو انظر غريب الحديث لأبي عبيد: ٢/ ١٨١.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٤٩.
(٣) انظر القشى: ٢/ ٦٥٤ - ٦٥٥.
(٤) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٤٤٨) رواية يحيى.