فرأى مالك أنّ اجتماعهم تَعَبُّدٌ، ورأَى عبد الملك أنّ المقصودَ أداءُ الشّهادةِ واجتماعُها، وهو أقو ى.
وقوله: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} الآية (١).
قيل: حدُّ القذْفِ من حقوقِ اللهِ تعالى كالزِّنَا (٢).
وقيل: إنّه حقٌ من حقوق المقذوف، قاله مالكٌ، والشّافعيُّ (٣).
أصلٌ (٤):
وقوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} الآية (٥)، علَّقَ الله تعالى على القَذْفِ ثلاثة أحكام: الحدّ، وردّ الشّهادة، والفِسْق، تغليظًا لشأنّه، وتفخيمًا لأمره، وقوَّةً في الرَّدْعِ عنه.
وقال علماؤنا: وردُّ الشهادةِ من عِلَّةِ الفِسْقِ، فإذا زالَ بالتّوبةِ زالَ رَدُّ الشّهادةِ، لقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} (٦)، ولا خلافَ أنّ التَّوبةَ تُسْقِطُ الفِسْقَ.
فرعٌ:
واختلفَ العلّماءُ في ردِّ الشّهادةِ:
قيل: تُقبَلُ قبلَ الحدِّ وبعدَ التَّوبةِ، قاله مالكٌ، والشّافعيّ، وغيرهما من جمهور العلماء.
(١) النور: ٤، وانظر شرحها في أحكام القرآن: ٣/ ١٣٣٥ - ١٣٣٦.
(٢) قاله أبو حنيفة، ذكره المؤلِّفُ في الأحكام.
(٣) انظر الإشراف لابن المنذر: ٢/ ٧٩.
(٤) انظره في أحكام القرآن: ٣/ ١٣٣٦ - ١٣٣٩.
(٥) النور: ٤.
(٦) النور: ٥.