وقيل: إذا قَذَفَ، لا تُقبلُ شهادتُه أبَدًا، لا قَبْلَ الحدُّ ولا بعدَهُ، وهو مذهب شُرَيح.
وقيل: تُقبَلُ قبل الحدِّ، ولا تُقبَلُ بعدَه وإن تابَ، قاله أبو حنيفة (١).
وقيل: تُقبَلُ بعدَ الحدِّ وتُقبَل قبلَهُ، وهو قول النّخعي.
قال الإمام: وهي مسألة طبوليّة، وبالجملة فإنّ أبا حنيفةَ يجعلُ ردُّ الشّهادةِ من جملةِ الحدِّ، ويرى أنَّ قَبُولَ الشّهادةِ ولايةٌ قد زالت بالقَذفِ (٢).
وتعلّق علماؤنا بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} (٣)، وقالوا: إنَّ هذا الاستثناء راجعٌ إلى ما تقدَّم، ما عدا إقامة الحدّ فإنّه يسقط بالإجماع، وقد بيّنَّاه في "مسائل الخلاف".
المسألة الثّانية عشرة:
إذا أراد نفي الولد فلا يَدَّعِي الوطء بعد رؤية الزِّنا؛ لأنّه إذا ادَّعَى الوطءَ بعدَ رؤيةِ الزَّنَا فقد وجد شيئًا يستند إليه، في تفصيلٍ طويلٍ.
المسألة الثّالثة عشرة (٤):
إذا نَفَى حمل امرأته، فإن ادّعى استبراءً بعد الوَطء (٥)، كان له أنّ يُلَاعِن، وإن لم يدَّعِ الاستبراءَ، ففيه قولان:
أحدهما: أنّه يُلاعِن؛ لأنَّ نفيه الحمل بتضمّن.
(١) انظر المبسرط: ١٦/ ١٢٥.
(٢) تتمّة العبارة كما في الأحكام: "وجُعِلَت العقوبة فيها في محل الجناية وهي اللِّسان تغليظًا لأمرها، وقلنا نحن: إنّها حكم عِلَّتُه الفِسْقُ، فهذا زالت العلّة -وهي الفِسْقُ - بالتّوبة قُبِلَت الشّهادة كما في سائر المعاصي".
(٣) النور: ٥.
(٤) انظر التفريع: ٢/ ٩٨، والمعونة: ٢/ ٩٠٤.
(٥) أي ادّعى أنّه استبرأها بعد وَطْئه، ثمّ لم يطأها حتّى ظهر الحمل بها.