وقال قوم: تُسَوَّدُ وجوههم، ويُطَافُ بهم في الأسواق، وهو مذهب عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة، فإنّه أمر بحَلقِ أنصافِ رؤوسهِم وتسويد وجوههم ويطاف بهم على الأسواق.
فرع غريب:
واختلفوا فيمن يشهد بِزُورٍ ثمّ يتوبُ وتظهر توبته:
فعلى مذهب الشّافعيّ (١) والكوفي أنّه يجب قَبُول شهادته إذا أتت على ذلك مدّة تظهر في مثلها توبتُهُ، وبه قال أبو ثور.
وقال مالك: أرى أنّ تبطل شهادته.
والقولُ الأوَّل أصحّ إنَّ شاء الله.
الفقه في مسائل:
المسألة الأوُلى (٢):
قولُه: "ألَّا أُخبِرُكُم بخَيرِ الشُّهَدَاءِ"؟ قال مالك (٣) وغيره معناه: أنّ يكون عنده شهادة لا يعلم بها فيؤدِّيها له عند الحاكم، وذلك أنّ المشهود به على ضربين:
حقّ الله، وحقّ الآدميَّ.
فأمّا ما كان حقًا لله، فعلى قسمين:
١ - قسمٌ لا يُستدامُ فيه التّحريم كالزِّنا وشرب الخّمْرِ، زاد أصْبَغُ: والسّرقةُ، فهذا تركُ الشَّهادة به جائزة.
والأصلُ في ذلك: قولُه - صلّى الله عليه وسلم - لهَزَّالٍ: " هَلَّا سَتَرتَ عَلَيهِ بِرِدَائِكَ" ولو علم الإمامُ بذلك، فقد قال ابنُ القاسم في "المجموعة": يكتُمُها ولا يشهد، إِلَّا في تجريحه إنَّ
(١) انظر الحاوي الكبير: ١٦/ ٣٢١.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ١٨٨.
(٣) في "المجموعة" كما نصّ علي ذلك الباجي.