فرع (١):
وإذا كان الوليّ واحدًا، فعفا عن بعض الدَّمِ، لم أَرَ فيه نصًّا.
وقوله (٢): " وَعَفوُ البَنِينَ جائِزٌ عَلَى البَنَاتِ" وهو نحو ما قال. وحَكَى عبد الوهّاب (٣) أنَّ مالكًا اختُلِف عنه في النِّساء هل لهنّ مَدْخَلٌ أم لا؟ فعنه في ذلك روايتان:
إحداهما: أنّ لهنّ مدخلًا.
والثّانية: لا مَدْخَلَ لهُنَّ فيه (٤).
فوجه الرّواية الأُولَى: قولُه - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فأَهْلُهُ بَينَ خيرتَينِ: إنَّ شاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا وَأَخَذُوا الدِّيَة" (٥).
ولأنَّ القصاصَ يُستَحَقُّ على استحقاقٍ، فوجبَ أنّ يثبتَ لجميع الوَرَثَةِ المستحقَّة له.
فإذا قلنا: لهُنَّ مدخلٌ، ففي أيِّ شيءٍ يدخلن؟ ففي ذلك روايتان:
إحداهما: لهنّ المدخل في القَوَدِ دون العَفْوِ.
الثّانية: لهنَّ مدخل في العَفْوِ دون القَوَدِ.
المسألة الخامسة (٦):
إذا ثبت ذلك، فإن كان للمقتول بنون ذكورٌ، فلهم العَفْو والقَوَد، وإن عفا أحدهم لم يكن لغيرهم قَوَدٌ (٧). قال محمّد: وهذا ممّا لم يختلف فيه مالك وأصحابه.
(١) هذا الفرع مقتبس من المنتقى ٧/ ١٢٤.
(٢) أي قول الإمام مالك في الموطَّأ (٢٥٦٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٣٣٢).
(٣) في المعونة: ٢/ ٢٥٧ (ط. الشّافعيّ).
(٤) وجه هذه الرِّواية: أنّ ولاية الدَّم مستحقة بالنُّصرة، وليس النِّساء من أهل النُّصرة فلم يكن لهنّ مدخل في الولاية المستحقّة بها.
(٥) أخرجه أبو داود (٤٥٠٤ م) ومن طريقه البيهقي: ٨/ ٥٧، كما أخرجه التّرمذيّ (١٤٠٦) من حديث شُرَيْح الكعبيّ. قال التّرمذيّ: "هذا حديث حسن صحيحٌ"، وانظر نصب الراية: ٤/ ٣٥١.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٧/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٧) وإنّما يكون لهم حصتهم من الدِّية.