وَرُوِّينا أنَّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى الحسن البصري: إنَّ الله لا يطالب خَلقَهُ بما قضى عليهم، ولكن يطالبهم بما نهاهم عنه وأمرهم به، فطالب نفسَك من حيث يطالبك ربّك.

حديث مالك (١)، عن مسلم بنيَسارِ؛ أنّ عُمَرَ سُئِلَ عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية (٢) فقال عمر: سَمِعتُ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يُسأَلُ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله خَلَقَ آدَمَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخرَجَ الذُرِّيةَ، فَقَالَ: خَلَقتُ هَؤُلَاءِ للجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي" الحديث.

الإسناد (٣):

قال الإمام: لم يختلف عن مالك في إسناده، وهو حديثٌ مُتقَطِعٌ؛ لأنّ مُسلِمَ بن يَسَارٍ هذا لم يلقَ عمرَ، بينهما نُعَيْمُ بن رَبِيعَةَ. وقيل (٤): نُعَيْم بن ربيعة ومسلم بنيَسار مجهولان غير معروفين بحمل العلم ونقل الحديث. وليس هو مسلم بنيَسار البصري العابد، وإنّما هو رجلٌ مَدَنِيٌّ مجهولٌ (٥).

قال أبو عمر (٦): "وهذا الحديث وإن كان عليلَ الإسنادِ؛ فإنّ معناه قد رُوِيَ عن النّبيّ -عليه السّلام- من وجوهٍ عن عمر وغيره".

الأصول:

قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية (٧).

(١) في الموطَّأ (٢٦١٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٧٣)، وسويد (٦٤٤)، والقعنبي كما في مسند الموطَّأ للجوهري (٣٦٧)، وإسحاق بن عيسى الطبّاع، وروح بن عبادة عند أحمد: ١/ ٤٤، ومصعب الزبيري عند أحمد: ١/ ٤٤، ومعن عند التّرمذيّ (٣٠٧٥)، وقتيبة بن سعيد عند النسائي في الكبرى (١١١٩٠)، وعبد الرّحمن بن القاسم عند اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة: ٣/ ٦١٦ (٩٩٠)، ويحيى بن بكير عند الحاكم: ٢/ ٥٤٤.
(٢) الأعراف: ١٧٢.
(٣) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٩٠، وانظر التمهيد: ٦/ ٣ - ٦.
(٤) القائل هو الإمام ابن عبد البرّ في الاستذكار.
(٥) ذكره ابن حبّان في الثّقات: ٥/ ٣٩٠، وانظر تهذيب الكمال: ٧/ ١٠٨ (٦٥٤٤).
(٦) في الاستذكار: ٢٦/ ٩٠.
(٧) الأعراف: ١٧٢. وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٧٩٩.