الكعبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ من أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنتَ رَاءٍ مِنَ اللَّمَمِ، قَد رَجَّلَهَا فَهيَ تَقطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَينِ -أَو عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَينِ- يَطُوفُ بِالكَعبَةِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذا؟ فقِيلَ: هَذا المَسِيحُ ابْنُ مريَمَ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُل جَعْدٍ قَطَطٍ، أَعوَرِ العَينِ اليُمنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فَسَألتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ الدَّجَّالِ".
الإسناد (١):
قال الإمام: لم يُختَلَف عن مالك في إسناده ولا في لفظه، وهكذا رواه أيّوب عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ -عليه السّلام- (٢).
ورواه ابنُ شهاب عن سالم، عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "بينما أنا نائمٌ أطوفُ بالكعبةِ ... " فذكر نحوه في صفة المسيح ابن مريم، وقال: "ثمّ ذهبتُ ألتفتُ فإذا رجلٌ جسيمٌ أحمرُ، جَعدُ الرَّأسِ، أعورُ العينِ، كأنّ عينَهُ اليُمنَى كعِنَبَةٍ طافِيَة. قلت: من هذا؟ قالوا: الدَّجَّالُ، وإذا أقربُ النَّاس بِه شَبَهًا ابنُ قَطَنٍ، رَجُلٌ من خُزَاعَةَ" (٣).
وفي حديث عُبادَة بن الصَّامِت، عن النَّبيِّ -عليه السّلام- في صفة الدَّجَّال: "قصيرٌ أَفحَجُ (٤)، جَعدٌ، أعورُ مطموسُ العينِ" (٥).
وفي حديث الشَّعبيَّ، عن فاطمة بنتِ قَيْسِ، حديثُ الجسَّاسةِ في صفة الدَّجَّال: "أعظمُ إنسانٍ رَأيتُ خَلْقًا، وأشدُّهم وَثَاقًا" (٦).
وفي حديث الزُّهرِيّ، عن أبي سلمة، عن فاطمة بنت قَيْس في ذلك: "فإذا رجلٌ
(١) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) انظر التمهيد: ١٤/ ١٩١.
(٣) أخرجه من هذا الطريق: البخاريّ (٣٤٤١)، ومسلم (١٧١).
(٤) قال الأصمعي: "الفحَجُ: تباعُدُ ما بين الفخِذَين" عن غريب الحديث للخَطّابي: ١/ ٣٥٢.
(٥) أخرجه أحمد: ٥/ ٣٢٤، وأبو داود (٤٣٢٠)، قال عنه ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٤/ ١٩١ "وهو من أصحّ أحاديث الشاميين".
(٦) أخرجه مسلم (٢٩٤٢) مطوّلًا.