المسألة الثّانية (١):
قوله: "فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَه" هذا من آداب الإسلام وشرائعه وأحكامه، والضّيافةُ من سُنَنِ المُرْسَلِينَ، وأوّلُ من ضيَّفَ الضَّيفَ إبراهيم عليه السّلام، وذلك في قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (٢) فوصفهم بأنّهم أكرموا.
الثّالثة (٣):
اختلف علماؤنا في وجوبها، فأوجبها اللّيث يومًا وليلة (٤)، وخالفه في ذلك جميع الفقهاء على الإطلاق.
وأغرب من هذا ما حُكِيَ عن ابن وهبٍ؛ أنّه كان يُوجِبُها ليلةً واحدةً، وأجاز للعبد المأذون له أنّ يضيِّف ممّا بيده، وقال به قومٌ.
والضّيافة الكاملة عند العلماء ثلاثة، فما زَادَ على ذلك فهو صدقة، وأقلّها يوم وليلة.
الرّابعة:
أمّا سُحنون، فأَوْجَبَها على أهلِ الباديةِ؛ لأنّ الإنسانَ لا يجدُ ما يشتري ولا أَيْنَ يأوي.
وقيل: كانت الضّيافة في أوّل الإسلام واجبةً (٥).
وقيل: كانت واجبةً على أهل العنْوَةِ إذا فرضها عليهم الإمامُ، وعلى أهل الصّلح إن صالحوا عليها (٦).
وقال مالك: ليس على أهل الحَضَرِ ضيافةٌ (٧).
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٤٢.
(٢) الذاريات: ٢٤.
(٣) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٤٢، والثّانية من الاستذكار: ٢٦/ ٣٠٥.
(٤) وكان يقول: "إنا حقٌّ واجب" عن البيان والتحصيل: ١٨/ ٢٨١.
(٥) قاله ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ٣٠٦، والباجي في المنتقى: ٧/ ٢٤٣، على سبيل الاحتمال.
(٦) قاله على سبيل الاحتمال الباجي في المنتقى: ٧/ ٢٤٣.
(٧) أورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢١/ ٤٣، والاستذكار: ٢٦/ ٣٠٦، والباجي في المنتقى: ٧/ ٢٤٣، وابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٢٨٢.