على سائر الأيام، وإذ جازَ أنّ يكون يوم أفضل من يومٍ، جاز أنّ تكون ساعة أفضل من ساعة، والفضائل لا تُدْرَكُ بالقِيَاسِ، وإنّما تدرك من لَفْظِ الشّارع لا غير، والله يفضِّل ما يشاء على ما يشاء ويختاروله الخِيَرَة (١).
الفائدة الثّانية (٢):
قوله: "سَاعَةٌ" يقتضي جزءًا من اليوم غير مُقَدَّرٍ ولا مُعَيَّنٍ، وبيان ذلك ما أشار إليه من تقليلها, ولو كانت مُقَدَّرَة لما كان لتقليلها معنى.
الفائدة الثّالثة: قوله: "لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ".
قال علماؤنا: هذا تخصيصٌ، والدُّعاءُ للمسلمين بالإجابة في تلك الصّلاة, والموافقة لا تكون إلَّا لأهل السّعادة من عباده المؤمنين.
الفائدة الرّابعة (٣): قوله: "وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلَّي"
قال علماؤنا (٤): قوله: "قَائِمٌ" يحتملُ القيامَ المذكور المعروف.
ويحتمل أنّ يكون القيام هنا المواظبة على الشّيء والملازمة, من قوله: {إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (٥) أي مواظبًا، والاقتصار على هذا التّأويل تُخَرَّجْ جميع الأقاويل (٦).
ولا يبعدُ أنّ تكون بعد العَصْرِ.
الفائدة الخامسة (٧): قوله "يُصَلِّي"
اختلفَ العلماءُ في تأويل هذا اللَّفظ كاختلافهم في تَعْيِينِ السّاعة
فقيل: أنّ يصلِّي بمعنى أنّ له حُكم المُصَلِّي.
ويصلحُ أنّ يُتَأوَّلَ أيضًا "يُصَلِّي" بمعنى يَدْعُو، وذهب إلى ذلك جماعة من المُتَأخِّرينَ في معنى "يُصَلِّي" أي يواظبُ (٨)، كما تقدّم.
(١) انظر التمهيد: ١٩/ ١٨، وقد اقتبس منه المؤلِّف بعض العبارات.
(٢) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٠٠.
(٣) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٢/ ٣٠٠ (ط. القاهرة).
(٤) المقصول هو الإمام ابن عبد البرّ.
(٥) آل عمران: ٧٥.
(٦) في الاستذكار: "أي مواظبًا بالاختلاف والاحتضار، وعلى هذا التّأويل يُخَرِّج جماعة الآثار".
(٧) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٠٠.
(٨) غ، جـ: "مواظبًا".