وقوله: {تَتَجَافَى} فيه قولان: أحدهما: ذكر الله، والآخر: الصّلاة.
المسألة الرّابعة (١): قوله: "في عَرْضِ الوِسَادَةِ"
قال علماؤنا: هي الفراش الّذي ينامُ عليه، فكان ابنُ عبّاس في عَرضِها عند رؤوسهما، أو عند رجليهما. وقال الدّاوديُّ: الوِسَادةُ ما يضعون رؤوسهم عليه للنّوم، فوضع سول الله - صلّى الله عليه وسلم - وأهله رؤوسهما في طُولِها، ووضع ابن عبّاسٍ رأسه في عرضها.
نكتةٌ لغوية (٢):
قال أهل اللُّغة: والعُرْضُ -بالضَّمَّ- هو الجانب، يريد الجانب الضَّيَّق منها. وهذا ليس بالبَيَّينِ عندي، ولو كان ذلك لقال: يَتَوسَّد رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - طول الوِسَادة، وتوسّد ابن عبّاس عرضها.
وأمّا قوله: "فَاضْطَجَعَ" فإنّه يقتضي أنّ يكون العُرْض مَحَلًّا لاضطجاعه، ولا يصحّ ذلك إلَّا بأن يكون فراشًا له، وما قالوه في العُرْضِ فغير صحيحٍ من جهة النَّقل، ومن جهة المعنى، فإن العُرْضَ الجانبُ، الّذي كان يتوسَّدُ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - عليه إنّما كان الجانب، بلا فرق بينهما إلّا بالطُول والعَرْضِ، والله أعلم.
ومن جهة المعنى أيضًا: أنَّه لم يرو أحدٌ من علمائنا بالضَّمِّ (٣)، وإنّما الرِّواية فيه بالفتح، وإذا كان هذا، فإنّ العرض الجانبُ، فلا فرق بينهما إلَّا بالطُّول والعرض.
المسألة الخامسة (٤):
فيه: إباحة هذا لمن كان في سِنِّهِ، ويحتمل أنّ يكون سِنُّهُ في هذا الوقت نحو العشرة الأعوام؛ لانّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة في ذي القعدة من سنة سبعٍ من الهجرة، وكان عبدّ الله في ذلك الوقت على ما ذكرنا من السِّننَّ، وهو سِنُّ يُمنع أنّ يَرْقُدَ من بَلَغَهُ مع أحدٍ من الأجانب، أو ذي المحارم دون حائل بينهما، ذَكَرًا كان أو أُنْثَى. وقد رَوَى ابنُ وهب (٥)؛ أنّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "يُؤْمَرُ الصِّبيانُ بالصلاة لسبع، ويُضرَبُون عليها لعَشْرٍ وَيُفَرَّق بينهم في المضاجع " ولا يكون التّفريق إلَّا إذا بلغ عشر سنين.
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢١٧.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتفى: ١/ ٢١٧.
(٣) في المنتقى: " أحدٌ علمناه".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢١٧.
(٥) أخرجه أحمد: ٢/ ١٨٧، والدارقطني: ١/ ٢٣٠، والبيهقي: ٢/ ٢٢٩ عن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه. وانظر نصب الراية: ١/ ٢٩٨، وتلخيص الحبير: ١/ ١٨٥.