الأعيان؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لا يخبرُ عن نفسه بما يكون فيه معصية.
الفائدة الثّالثة (١):
قوله: " فَأحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ" فيه بيان أنّه هَمَّ أنّ يُوَدِّبَ بإتْلافِ الأموالِ على سبيل الإبلاغ في النّكاية (٢). ويحتمل أنّ يريد: تشبيه عقوبتهم بعقوبة أهل الكُفْرِ في تحريق بيوتهم وتخريب. ديارهم.
نكتةٌ لغوبة:
قوله: "لو يَعْلَمُ أَحَدُهُم أنْه يَجِدُ عَظْمًا سمينًا" يعني بذلك لحمًا، فكَنَّى بالأَدْنَى عن الأَعْلَى، ومِنَ العرب من يفعل ذلك كثيرًا.
وقولُه: "مَرْمَاتَيْنِ" اختلف الشّارحون للحديث في هذه اللفظة، فقال الأخفش (٣): "المَرْمَاتَانِ وَاحِدُها مرماة، وهي حديدةٌ لها طرفٌ كَطَرَفِ السِّنَانِ كانوا يقاتلون (٤) بها في الجاهلية".
وقال (٥) ابنُ وَضاح: هي حديدة كالسِّنان كانوا يُكَوِّمُونَ كَوْمًا من تُرابٍ، ويقفون منه على أَذْرُعٍ يرمونه بتلك الحديدة، فايّهم أثبتها فقد غلب.
وقيل: المِرْمَاتَان السَّهمان، رواه ابنُ حبيب (٦) عن مالكٌ. وقال أبو عُبَيْد (٧): "المرماتان: ما بين ظلفَي الشّاة" وقال (٨): "هذا حرفٌ لا أدري ما هو ولا ما وجهه، إلَّا أنّ هذا تفسيره".
قال الإمام: وإنّما قال ذلك النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - على معنى التّحقِيرِ لما يُؤْثِرُهُ المنافقون ويبادرون إليه. ويتخلَّفون مع ذلك عن العشاء والصُّبح.
(١) هذه المسألة مقتبسهْ من المنتقي: ١/ ٢٣٠.
(٢) في النُّسخ: "الإبلاغ والنكاية" والمثبت من المنتقى.
(٣) في شرح غريب الموطَّأ نسخة أنقرة، وعنه القنازعي في تفسير الموطَّأ: الورقة ٢٥.
(٤) في تفسير القنازعي: "يلعبون".
(٥) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتبسٌ من المنتقى: ١/ ٢٣٠.
(٦) في تفسير غريب الموطَّأ: ١/ ٢٣٨ من كلامه هو، لا رواية عن مالك.
(٧) في غريب الحديث: ٣/ ٢٠٢.
(٨) القائل هو أبو عُبَيد.