«إنما يُقَال: الغُسْلُ: كَمَالٌ، والمَسْحُ: رُخْصَةُ كَمَالٍ، وأيهما شاءَ، فعل» (١).
(٢٩) أخبرنا أبو عبدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أبو العَبَّاسِ، أخبرنا الرَّبيعُ، أخبرنا الشافعي، قال: «قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} المائدة: ٦ الآية، ودَلَّت السُّنَّةُ على الوُضُوءِ مِنَ الحَدَث.
وقال الله - عز وجل -: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} النساء: ٤٣ (٢) فَكانَ الوُضُوءُ عَامًّا في كتاب الله - عز وجل - عن الأَحْدَاث، وكان أَمْرُ اللهِ الجُنُبَ بِالغُسْل مِنَ الجَنَابةِ، دَليلًا ... واللَّهُ أَعْلَمُ على أَن لا يَجِب غُسْلٌ إلا مِن جَنَابَة، إلا أَن تَدُلَّ السُّنَّةُ عَلَى غُسْلٍ وَاجِبٍ؛ فَنُوجِبُه بِالسُّنَّةِ (٣)، بِطَاعَة اللهِ والأَخْذِ بها.
ودَلَّت السُّنَّةُ على وجُوبِ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَة، ولم أَعْلَم دَليلًا بَيِّنًا على أَنْ يَجِبَ غُسْلٌ غَيْرُ الجَنَابَة، الوُجُوب الذي لا يُجْزِئُ غَيْرُه.
وقد رُويَ في غُسْلِ يَومِ الجُمُعَة شَيءٌ، فَذَهب ذَاهِبٌ إلى غير ما قُلْنَا، ولِسَانُ العَرَبِ وَاسِعٌ» (٤).
ثُمَّ ذَكَر مَا رُوي فيه، وذَكَر تَأْوِيلَه، وذَكَر السُّنَّةَ التي دَلَّت عَلى وُجُوبه في الاخْتِيَار، والنظافة، ويعني (٥): تَغَيُّر الرِّيح عندَ اجتِمَاع النَّاس، وهو مَذكُورٌ في
(١) «اختلاف الحديث -مع الأم-» (١٠/ ٤٣).
(٢) في «د» اقتصر على قوله تعالى: «لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وأَنْتُمْ سُكَارَى».
(٣) في «د»، و «ط» (فتوجبه السُّنَّةُ).
(٤) «اختلاف الحديث -مع الأم-» (١٠/ ١٣٧).
(٥) في «د»، و «ط» (معنى)، وفي «اختلاف الحديث» (نفي).