وفي قول الله - عز وجل -: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} المائدة: ٦ قال الشَّافِعِيُّ - رحمه الله -: «فَكَان ظَاهِرُ الآيَة: أَنَّ مَن قام إلى الصَّلاةِ، فعليه أَنْ يَتوضأ، وكانت مُحْتَمِلة أن تكونَ نَزَلت في خَاصٍّ.
فَسَمَعِتُ بَعْضَ مَن أَرْضَى عِلْمَه بالقُرآنِ، يَزْعُم: أَنها نَزَلت في القَائِمينَ مِنَ النَّوم، وأَحْسِبُ ما قَال كَمَا قَال؛ لأن في السُّنَّة دليلًا على أن يتوضأ مَن قَام مِن نَوْمِه» (١).
قال الشافعي - رحمه الله -: «فكان الوُضُوء الذي ذَكَرَه الله -بدلالة السُّنَّة- على مَن لَم يُحْدِث غَائطًا، ولا بَوْلًا، دُونَ مَن أَحْدَث غَائِطًا، أو بَوْلًا؛ لأنهما نَجِسَان يَمَاسَّان بعضَ البَدَن» (٢).
يعني: فَيكُونُ عليه الاستنجاء، فَيَسْتَنْجِي بِالحِجَارَةِ، أو المَاء.
قال: «ولَو جَمَعَهُ رَجُلٌ، ثُم غَسَل بالمَاء، كان أَحَبَّ إِليَّ. ويُقَال: إِنَّ قومًا مِن الأنصار اسْتَنْجَوا بالماء، فَنَزلَت فيهم: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)} التوبة.
قال الشافعي - رحمه الله -: «ومَعْقُولٌ إذْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى الغَائِطَ-في آيةِ الوُضُوء- أَنَّ الغَائِطَ: الخَلَاء، فَمَن تَخَلَّى: وَجَب عَليه الوُضُوء» (٣).
ثُمَّ ذَكَر الحُجَّةَ مِن غَير الكِتَاب، في إيْجَاب الوُضُوء بالرِّيح، والبَوْلِ، والمَذْي، والوَدْي، وغَير ذَلك مِمَّا يَخْرُج مِن سُبُل (٤) الحَدَث.
(١) «الأم» (٢/ ٣٣).
(٢) «الأم» (٢/ ٤٨).
(٣) «الأم» (٢/ ٣٨).
(٤) في «د»، و «ط» (سبيل).