وفي قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} النساء: ٤٣، قال الشافعي: «ذَكَر اللهُ - عز وجل - الوُضُوءَ على مَن قَام إِلى الصَّلاةِ، فَأَشْبَه أَن يَكُونَ مَن قَام مِن مَضْجَع النَّوم، وذَكَر طَهَارةَ الجُنُب، ثم قال بعد ذلك: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} النساء: ٤٣. فَأَشبه أن يَكُونَ أَوْجَب الوُضُوءَ مِنَ الغَائِط، وَأَوْجَبَه مِن المُلامَسَة، وإنما ذَكَرها مَوْصُولَةً بِالغَائِط بَعد ذِكْر الجَنَابَة، فَأَشْبَهت المُلَامَسَةُ أَنْ تَكونَ: اللَّمْسَ بِالْيَد والقُبَل، غَيْرُ الجَنَابَة» (١).
ثُم اسْتَدَلَّ عَليه بآثَارٍ ذَكَرَهَا.
قال الرَّبيعُ (٢): «اللمْسُ بِالْكَفِّ، ألا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المُلَامَسَة.
والمُلَامَسَةُ: أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوبَ، فلا يَقْلِبُه (٣).
وقال الشاعر:
فَأَلْمَسْتُ كَفِّي كَفَّه طَلَبَ الغِنَى ... ولَمْ أَدْرِ أَنَّ الجُودَ مِن كَفِّهِ يُعْدِي
فلا أَنَا، مِنْهُ مَا أفَادَ ذَوُو الغِنَى ... أَفَدْتُ وأَعْدَانِي فَبَدَّدْتُ مَا عِنْدِي (٤)
هكذا وَجَدتُه في كِتَابِي، وقد رواه غَيْرُهُ (٥)، عن الرَّبِيع، عَن الشَّافِعِي.
(١) «الأم» (٢/ ٣٧).
(٢) كذا، وفي «الأم» (٢/ ٣٨) (قال الربيع: سمعت الشافعي يقول).
(٣) تعريف الملامسة ليس في «الأم».
(٤) البيتين: قيل هما لبشار بن برد، وقيل إنها لابن خياط، وينظر كتاب «الأغاني» (٣/ ١٤٣، ١٤٤)، و (٢٠/ ٦).
(٥) يعني: غير أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، شيخ شيخه.