شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ إذْ اسْتَشْهَدَ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ أُسَامَةَ الْآتِي ذِكْرُهُ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا، وَلَيْسَ فِيهِ الْمَقْصُودُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّهُ عَزَاهُ لِمُسْلِمٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُ قَلَّدَ.
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لِأُسَامَةَ فِي طَرِيقِ الْمُزْدَلِفَةِ: الصَّلَاةُ أَمَامَك، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ ١ عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: دَفَعَ عليه السلام مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ، فَقُلْت لَهُ: الصَّلَاةَ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَمَامَك فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ المزدلفة نزل وتوضأ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام صَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ بِغَلَسٍ، قُلْت: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ ٢ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا رَأَيْت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الصلاة إلَّا لِمِيقَاتِهَا، إلَّا صَلَاتَيْنِ، صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا.
قَوْلُهُ: قَبْلَ مِيقَاتِهَا، أَيْ قَبْلَ مِيقَاتِهَا الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، لَا أَنَّهُ صَلَّاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَكِنْ غَلَّسَ بِهَا كَثِيرًا، بَيَّنَهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَالْفَجْرَ حِينَ بَزَغَ الْفَجْرُ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: قَبْلَ مِيقَاتِهَا بِغَلَسٍ، وَأَخْرَجَ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ صَلَّى بِجَمْعٍ الصَّلَاتَيْنِ جمعاً، وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِي هَذَا المكان: المغرب، فَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلَاةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ"، ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، مُخْتَصَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا بِتَمَامِهِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام، وَقَفَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ - يَعْنِي الْمُزْدَلِفَةَ - يَدْعُو حَتَّى رُوِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاسْتُجِيبَ لَهُ دُعَاؤُهُ لِأُمَّتِهِ، حَتَّى الدِّمَاءُ وَالْمَظَالِمُ. قُلْت: تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ، فَكَبَّرَهُ، وَهَلَّلَهُ، وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، الْحَدِيثَ.
١ عند البخاري في "باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة" ص ٢٢٧، وعند مسلم: ص ٤١٦.
٢ عند البخاري في "باب متى يصلى الفجر بجمع" ص ٢٢٨، وعند مسلم: ص ٤١٢ واللفظ له، وفي رواية جرير عن الأعمش: أول وقتها بغلس.