وأتاهُ آخرُ فَنَهاهُ، فإذا الذي رخَّصَ لهُ شيخٌ، وإذا الذي نَهاهُ شابٌّ " (٤٨)، رواهُ أبو داود من حديثِ أبي العَنْبَسِ وليسَ بالمعروفِ.
ولأحمد عن عبد اللهِ بنِ عَمرٍو نحوهُ، وفيهِ: " لفْظُ القُبْلةِ " (٤٩)، وفي إسْنادِهِ ابنُ لَهيعةَ، وآخرُ لا يُعْرَفُ.
عن عبدِ الرّحمن بنِ أبي لَيْلى، قالَ: " حدَّثني رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَهى عن الحِجامَةِ، والمُواصَلَةِ، ولمْ يُحرِّمْهما إبقاءً على أصحابِهِ " (٥٠)، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، بإسْنادٍ صحيحٍ على شَرْطِهما.
ورُويَ عن ثابتٍ: " سُئِلَ أنَسٌ: أكُنْتُمْ تكرهونَ الحِجامَةَ للصائمِ على عَهدِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؟ قالَ: لا، إلا من أجْلِ الضّعفِ ".
فأمّا حديثُ: " أفطرَ الحاجمُ والمَحجومُ "، فقد رواهُ جماعةٌ من الصحابةِ نَحو بِضْعةِ عَشرَ صَحابيّاً من طرُقٍ مَتَعَدِّدةٍ يَشُدُّ بعضُها بَعْضاً، بلْ هيَ مُفيدةٌ للقطْعِ عندَ جماعةٍ من المُحَدِّثين، ومُتَواتِرَةٌ عندَ آخرينَ، وإن كانَ قد تُكُلِّمَ في بعضِ تلكَ الطّرُقِ.
قالَ الشافعيُّ ويحيى بنُ مَعينٍ: ليسَ فيهِ حديثٌ يَثْبُتُ، وكان أحمدُ وإسحاقُ، وعليُّ بنُ المَدينيّ، والترمِذِيُّ، وابنُ حِبّانَ، وغيرُهم يُصحِّحونَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفوا في أيِّ الطّرقِ أصحّ، كما قَد بُيِّنَ ذلكَ في مَوْضعٍ آخرَ، إلا أنَّ الشافعيَّ ادّعى نَسْخَهُ بحديثِ ابنِ عباسٍ: " أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ احتَجمَ وهو مُحْرِمٌ، واحتجمَ وهو صائِمٌ " (٥١)، رواهُ البخاريُّ.
وفي لَفْظٍ: " احْتجَمَ، وهو مُحْرِمٌ صائمٌ " (٥٢)، رواهُ أبو داود، والترمِذِيُّ، وصَحَّحهُ.
(٤٨) رواه أبو داود (١/ ٥٥٦).
(٤٩) رواه أحمد (الفتح الرباني ١٠/ ٥١).
(٥٠) رواه أحمد (الفتح الرباني ١٠/ ٣٦) وأبو داود (١/ ٥٥٤)، وحديث أنس في " عدم كراهية الحجامة إلا من أجل الضعف "، أخرجه البخاري هكذا عن ثابت عنه لكن أخرجه البيهقي (٤/ ٢٦٣) عن حميد عنه وقال: هو الصحيح.
(٥١) رواه البخاري (١١/ ٤٠).
(٥٢) رواه أبو داود (١/ ٥٥٤) والترمذي (٢/ ١٣٧).