٦ - بابُ: بَيعِ المُرابَحة، والنَّجْشِ، والبيعِ على بيعِ أخيهِ، وبيعِ الحاضرِ للبادي وتَلقّي الرُّكْبانِ
قالَ اللهُ: (وأحَلَّ اللهُ البيْعَ)، وهذا عامٌّ في البيعِ بأكثرَ من رأسِ المالِ أو أقلَّ، ما لمْ يكنْ فيهِ إضاعةُ مالٍ من غيرِ فائدةٍ، فقدْ تقدَّمَ النَّهيُ عن إضاعةِ المالِ.
وقالَ عليهِ السلامُ: " فإذا اختلَفتْ هذهِ الأصنافُ فَبيعوا كيفَ شِئْتمْ يَداً بيدٍ " (١)، وهذا عامٌّ في جميع المُعَاملاتِ.
فأمَّا الرجلُ يَبيعُ سِلْعتَهُ إلى أجَلٍ، ثُمّ يَشتريها من المُشتري في المجلسِ بثمنٍ حالٍّ أقلَّ من المُؤجَّلِ، فإنْ تَواطئا على الرِّبا، فقدْ جاءَ في ذلكَ حديثٌ أحببْتُ أنْ أذكرَهُ هاهُنا، وهو ما رَواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، واللفظُ لهُ من حديثِ أبي عبدِ الرّحمنِ الخُراسانيِّ عن عطاءٍ الخُراسانيّ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يقولُ:
" إذا تَبايَعْتمْ بالعينةِ، وأخذْتُمْ أذنابَ البَقر، ورَضيتمْ بالزَّرعِ، وتركْتمْ الجِهادَ، سَلّطَ اللهُ عَليْكمْ ذُلاًّ لا يَنزعهُ حتّى تَرْجِعوا إلى دينكُمْ " (٢).
وأبو عبدِ الرّحمن هذا، اسمُهُ: إسحاقُ بنُ أسيد ليسَ بذاكَ المشهورِ إلا أنّهُ قدْ رَوى عنه جماعةٌ، وقالَ البيهقيُّ (٣): هذا الحديث، من وَجْهينِ ضَعيفينِ عن عَطاءِ بنِ أبي رَباحٍ عن ابنِ عمرَ عن النبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: ورُويَ عن ابن عمرَ مَوْقوفاً: " أنهُ كرَهَ ذلكَ.
(١) تقدم في حديث (٢) باب الربا.
(٢) أحمد (١٥/ ٤٤) وأبو داود (٢/ ٢٤٦)، والبيهقي (٥/ ٣١٦).
(٣) هكذا بالأصل، ولعله قد سقط منه كلمة مثل: " روي " أو ما أشبهها. ورواية شهر بن حوشب أخرجها في المسند (٢/ ٤٢) عن ابن عمر وليس (بعمرو) كما في الأصل.