بالأنطاعِ فأُلقيَ عليها التمرُ والأقِطُ، والسمنُ، فكانت وليمتَهُ " (٧)، أخرجاهُ.
وقالَ: " على عدمٍ "، يعني للشاةِ، وأنهُ بما أولمَ بهِ من الطعامِ جائزٌ.
أمَّا النِّثارُ: فقد كرِهَهُ بعضُ أصحابنا، واستدَلّوا عليهِ بحديثِ عبد الله بن يزيدَ الأنصاريّ: " أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَهى عن النُّهْبى والمُثْلةِ " (٨)، رواهُ البخاريُّ، وبما رواهُ أحمدُ عن أبي هريرةَ: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " إنّ للمنافقينَ علاماتٍ يُعرفونَ بها، تحيّتُهم لعنةٌ، وطعامُهم نُهْبةٌ " (٩).
وقد قالَ بعضُهم: هو مباحٌ، وحكَى القاضي الماوَرْدِيّ على ذلكَ الإجماعَ، وصحّح إباحيتَهُ النَّوويُّ، وإنهُ خلافُ الأولى.
واحتجَّ لذلكَ بحديثِ عبدِ الله بنِ قُرْطٍ الأزْدي الثّماليِّ: أنهُ قالَ: " قُرّبَ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَمسُ بدناتٍ أو ستُّ ينحرهُنَّ، فطَفِقنَ يَزدَلفْنَ إليهِ أيتهُنَّ يبدأُ بها، فلما وجَبتْ جنوبُها، قالَ كلمةً خفيَّة لم أفهمْها، فسألتُ بعضَ من يَليني، ما قالَ؟، قالوا: قالَ: منْ شاءَ اقتطعَ " (١٠)، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، والنّسائيّ؛ بإسنادٍ جيّدٍ.
وقالَ بعضُهم: هو مُستحبٌّ، وهو قولُ أبي حنيفةَ، ويُحتجُّ لهُ بما رواهُ أبو جعفرٍ الطّحاويُّ من حديثِ ثَور بنِ يَزيدَ عن خالدِ بنِ مَعْدانَ عن مُعاذِ بنِ جبَلٍ: " أنّ رسولَ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كانَ في إملاكٍ، فجاءَ الجَواري معهنَّ الأطباقُ عليها اللوزُ والسّكرُ، فأمسكَ القومُ أيديَهم، قالَ: ألا تَنتهبونَ؟، قالوا: إنكَ كنتَ نَهيتَ عن النُّهْبةِ، فقالَ: تلكَ نُهْبةٌ العَساكر، فأما العُرساتُ، فلا، قالَ: فرأيتَ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُجاذبُهُم ويُجاذبونَهُ " (١١).
قال البيهقيُّ: هو من روايةِ عونِ بنِ عُمارةَ وعبدِ الله (١٢) بنِ سُليمانَ وكلاهما لا يُحتجُّ
(٧) البخاري (١٧/ ٢٤٥) ومسلم (٤/ ١٤٦).
(٨) البخاري (١٣/ ٢٥).
(٩) أحمد (٢/ ٢٩٣ متن).
(١٠) أحمد (المتن ٤/ ٣٥٠) وأبو داود (١/ ٤٩٠٩ مناسك ١٩) والنسائي في الكبرى كما في التحفة ٦/ ٤٠٥.
(١١) الطحاوي (٣/ ٥٠).
(١٢) هكذا بالأصل: عبد الله، والصواب: كما في الكبرى للبيهقي (٧/ ٢٨٨): عصمة بن =