استُدِلَّ بهِ على: أنهُ إذا أسرَ صغيراً ليسَ معهُ أحدٌ من أبويهِ، أنهُ يتبعُ السّابي في الإسلامِ.
عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ: أنهمْ تحرّجوا من وطءِ سَبايا أوطاسٍ حتّى أنزلَ اللهُ: " والمُحْصَناتُ مِنَ النّساءِ " (٨٣)، رواهُ مسلمٌ.
قد عُلِمَ أنهُ عليهِ السلامُ لما أسرَ يومَ بدرٍ من المشركين سبعينَ أسيراً قتلَ منهم صَبراً، عُقْبةَ بن أبي مُعَيْطٍ، والنّضر بنَ الحارثِ، وطُعَيْمةَ بنَ عَديّ، ومنَّ على أبي عَزَّةَ، فأطلقَهُ، وفادى بقيّةَ الأُسارى، بعدَ أن شاورَ أصحابَهُ فيهم، فأشارَ عمرُ بنُ الخطابِ بقتلِهم، وأشارَ الصّديقُ بمُفاداتِهمْ، فهوى رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ما قالَهُ الصّديقُ كما رواهُ مسلمٌ (٨٤) عن ابنِ عبّاسٍ، فجعلَ فداءَ كلِّ إنسانٍ منهم أربعَ مائةٍ، أربعَ مائةٍ (٨٥)، الأسيرُ بأسيرٍ من المسلمين كما رواهُ مسلمٌ عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ، قالَ:
" كانتْ ثقيفُ حلفاءَ لبني عقيلٍ، فأسرَتْ ثقيفُ رجلين من أصحابِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وأسرَ أصحابُ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رجلاً من بَني عقيلٍ، فمرَّ بهِ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وهو موثقٌ، قالَ: يا محمدُ، إني مسلمٌ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: لو قلتَها وأنتَ تملكُ أمرَكَ أفلحتَ كلَّ الفلاحِ، قالَ: فَفُدِيَ بالرّجلين " (٨٦).
وفيهِ أيضاً دلالةٌ على: أنهُ إذا أسلمَ الأسيرُ يسقطُ قتلُهُ، ويبقى الخيارُ في الباقي، وهو المنُّ أو الفِداءُ بمال أو بمن أُسِرَ من المسلمين، وهو أحدُ القولين.
عن ابنِ مسعودٍ، قالَ: " لما كانَ يومُ بدرٍ، وجيءَ بالأسارى، قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: لا ينفلتنَّ منهمْ أحدٌ إلا بفداءٍ أو ضربةِ عنُقٍ، قالَ ابنُ مسعودٍ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إلا سُهَيل بنَ بيضاءَ، فإني قدْ سمعتُهُ يذكُر الإسلامَ، قالَ: فسكتَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فما رأيْتُني في يومٍ أخوفَ أنْ تقعَ عليَّ حجارةٌ من السماءِ منّي في ذلكَ اليومِ، حتّى قالَ
(٨٣) مسلم (٤/ ١٧١).
(٨٤) مسلم (٥/ ١٥٦).
(٨٥) هكذا بالأصل وفيه نقص كما يظهر، ويشبه أن يكون هكذا: " أو يفادي الأسير " أو نحوه.
(٨٦) مسلم (٥/ ٧٨).