صلاتَهُ " (٣٣)، ففيه دلالةٌ على أنّهُ إذا زالتْ أعذارُ ذَوي الأعذارِ قبلَ خروجِ الوقتِ بهذا المِقدار أنّهُ تَلزمهُم الصلاةُ، ثُمَّ إن كان المرادُ بالسَّجْدةِ حقيقتَها، ففيهِ دلالةٌ لأحدِ القولينِ: أنّها تلزمُهُ بدونِ ركْعةٍ وهو المُصحّحُ في المَذْهبِ، وإن كان المرادُ بالسّجْدةِ الرّكعَةَ كما جاء في بعضِ رواياتِ الحديثِ في الصّحيحينِ، فهو دليلٌ للقولِ الآخَرِ، أنّها لا تَلزمُ بدونِ رَكْعةٍ.
عن عبدِ الرّحمنِ بنِ عَوْفٍ قالَ: " إذا طَهُرتِ الحائِضُ قبلَ أن تغربَ الشَّمْسُ، صَلّت الظهْرَ والعَصْرَ، وإذا طَهُرتْ قبلَ الفجرِ صَلّت المغرِبَ والعِشاءَ " (٣٤).
وعن ابنِ عبّاسٍ مِثْلُهُ، رواهُما سعيدُ بنُ مَنْصورٍ.
عن أنَسٍ أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " مَنْ نسيَ صلاةً فَلْيُصلّها إذا ذكرَها لا كَفّارةَ لها إلاّ ذلك " (٣٥)، أخْرَجاهُ.
عن جابرٍ: أَنّ عمرَ بنَ الخطابِ جاءَ يومَ الخَنْدَقِ بعدما غَربت الشمسُ، فجعَلَ يَسُبُّ كُفّارَ قريش، وقالَ: يا رسولَ اللهِ ما كِدْتُ أُصلّي العصرَ حتى كادَتِ الشمسُ تغربُ، فقالَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: والله ما صَلّيتُها، قالَ: فقمنا إلى بُطْحانَ فتَوضَّأَ للصلاةِ، وتوَضَّأْنا لها، فَصلّى العصْرَ بعدَما غَربتِ الشّمسُ، ثُمَّ صَلّى بعدَها المغربَ " (٣٦)، أخْرَجاهُ.
عن عمرانَ بنِ حُصَيْن في حديثِ نومهم عن الصلاةِ، قالَ فيهِ: حتى إذا اسْتيقظَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رأى الشمسَ قد بزَغَت، قالَ: ارتحلوا، فسارَ حتى ابيضَّتِ الشمسُ نزَلَ فَصلّى بنا الغداةَ. . . الحديث " (٣٧)، رواهُ مُسلم، استْتُدلَّ بهِ على جَوازِ قضاءِ الفائِتَةِ، وفيهِ نَظَرٌ، إذ يَحتملُ أنّ التأخيرَ كانَ لِعُذر من زمانٍ أو مكانٍ، أو غيرِ ذلك، واللهُ سبحَانه أعلم.
(٣٣) تقدم تخريجه.
(٣٤) رواه البيهقي في الكبرى (١/ ٣٧٨).
(٣٥) رواه البخاري (١/ ٣٠٣)، ومسلم (١/ ٤٧٧).
(٣٦) رواه البخاري (١/ ٣٠٣)، ومسلم (١/ ٤٣٨).
(٣٧) رواه مسلم (١/ ٤٧٤).