وَلَا تَسَلْ عَمَّا كَانَتْ تَصْنَعُهُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الْمُؤْمِنَةُ العِذَابُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ مُضَاعَفَةِ الجُهْدِ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِالنَّصَبِ وَالتَّعَبِ (١).
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا نَسِيتُ قَوْلَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يُعَاطِيهِمُ اللَّبِنَ (٢)، وَقَدِ اغْبَرَّ شَعْرُ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
"اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخْرَةِ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ"
قَالَتْ: فَرَأَى عَمَّارًا، فَقَالَ لَهُ: "وَيْحَهُ ابْنُ سُمَيَّةَ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ" (٣).
* وَهْمٌ فِي الرِّوَايَةِ:
قُلْتُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لِعَمَّارٍ -رضي اللَّه عنه-: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" عِنْدَمَا بَنَى الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الدَّلَائِلِ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْخَنْدَقِ وَهْمًا، أَوْ
= (٤١٠٥) - وأخرجه مسلمٌ في صحيحِهِ - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة الخندق - رقم الحديث (١٨٠٣) - وأخرجه الطحاوي في شرح مُشْكِلِ الآثار - رقم الحديث (٣٣٢٦) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٤٨٦).
(١) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة فِي ضَوْءِ القرآنِ والسُّنَّة للدكتور محمد أبو شَهْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (٢/ ٢٧٨).
(٢) اللَّبِنُ: بفتح اللّام وكسرِ الباءِ: هي التي يُبْني بِهَا الجدارُ. انظر النهاية (٤/ ١٩٨).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الفِتَنِ وأشراطِ السَّاعة - باب لا تقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجلُ بقَبْرِ الرَّجل - رقم الحديث (٢٩١٥) (٢٩١٦) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٦٤٨٢).