٧ - وَفيهِ أَنَّ الفَاضِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ كَانَ يَغِيبُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي بَعْضِ المَشَاهِدِ الفَاضِلَةِ، وَيَحْضُرُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ، فَيَطَّلِعَ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ بِلَالٍ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لَمْ يُشَارِكُوهُمْ فِي ذَلِكَ.
٨ - وَفيهِ مَشْرُوعِيَّهُ الأَبْوَابِ وَالْغَلْقِ لِلْمَسَاجِدِ.
٩ - وَفيهِ أَنَّ السُّتْرَةَ إِنَّما تُشْرَعُ حَيْثُ يُخْشَى المُرُورُ، فَإِنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَالذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ترَكَ ذَلِكَ لِلِاكْتِفَاءِ بِالقُرْبِ مِنَ الجِدَارِ.
١٠ - وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَ العُلَمَاءِ تَحِيَّةُ المَسْجِدِ الحَرَامِ الطَّوَافُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ دَاخِلِ الكَعْبَةِ لِكَوْنِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَاءَ فَأَنَاخَ عِنْدَ البَيْتِ، فَدَخَلَهُ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ إِمَّا لِكَوْنِ الكَعْبَةِ كَالمَسْجِدِ المُسْتَقِلِّ، أَوْ هُوَ تَحِيَّةُ المَسْجِدِ العَامِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١١ - وَفيهِ اسْتِحْبَابُ دُخُولِ الكَعْبَةِ (١).
* خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَهْلِ مَكَّةَ وَعَفْوُهُ عَنْهُمْ:
ثُمَّ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- علَى بَابِ الكَعْبَةِ، وَقَدِ اسْتَكْفَّ (٢) لَهُ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ مَاذَا يَصْنَعُ؟ فَأَخَذَ بِعَضَادَتِيِ البَابِ وَهُمْ تَحْتَهُ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ،
(١) انظر فتح الباري (٤/ ٢٦٤).
(٢) استكفَّ له الناس: أحاطوا به واجتمعوا حوله. انظر النهاية (٤/ ١٦٥).