وَقَدْ مَلأْتُهَا لِإِبِلِي، هَلْ لِي مِنْ أَجْر فِي أَنْ أَسْقِيَها؟ .
قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ، فِي كلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّى (١) أَجْرٌ".
قَالَ سُرَاقَةُ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي، فَسُقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَدَقَتِي (٢).
* قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ بِالْجِعْرَانَةِ:
ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْجِعْرَانَةَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِخَمسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، فَنَزَلَ بِهَا، وَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَة لَا يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ، يَبْتَغِي أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَيَحْرِزُوا (٣) مَا أُصِيبَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا لَمْ يَجِئْهُ أَحَدٌ أَمَرَ بِتَقْسِيمِ الْغَنَائِمِ.
* الْبَدْءُ بِالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (٤) وَهُمْ سَادَاتُ الْعَرَبِ:
أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْغَنَائِمِ هُمْ سَادَاتُ الْعَرَبِ، يَتَأَلَّفُهُمْ إِلَى
(١) كَبِدٍ حَرَّى: أي عَطْشَى، يريد أنها لشدة حرِّها قد عَطِشت ويبست من العطش، والمعنى أن في سقي كل ذي كبدٍ حَرَّى أجرًا. انظر النهاية (١/ ٣٥٠).
(٢) أخرج ذلك الإمام احمد في مسنده - رقم الحديث (١٧٥٨١) - وابن حبان في صحيحه - كتاب البر والإحسان - باب البر والإحسان - رقم الحديث (٥٤٢) - وابن إسحاق في السيرة (٢/ ١٠٤) - وإسناده صحيح.
(٣) يقَال: أَحْرَزْتُ الشيءَ: إذا حَفِظْتُهُ وضَمَمْتُهُ إليكَ، وصُنْتُهُ عنِ الأَخْذِ. انظر النهاية (١/ ٣٥٢).
(٤) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٧٠): المراد بالمؤلفة ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلامًا ضعيفًا؛ ولم يتمكن الإسلام من قلوبهم.