على مستوى الضغوط التي تقتضيها طبيعة الدعوة، وعلى مستوى التكاليف التي تقتضيها هذه العقيدة!
والله سبحانه يربّي هذه الجماعة المختارة لقيادة البشريّة، ويريد بها أمراً في هذه الأرض، فمحّصها هذا التمحيص، الذي تكشّفت عنه الأحداث في (أُحُد) -كما سيأتي-، لترتفع إلى مستوى الدور المقدّر لها. وليتحقّق على يديها قدر الله الذي ناطه بها: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١)}!
تحقيقاً لسنّته في دمغ الباطل بالحق، متى استعلن الحق، وخلص من الشوائب والتمحيص!
وفي سؤال استنكاري يصحح القرآن تصوّرات المسلمين عن سنّة الله في الدعوأت، وفي النصر والهزيمة، وفي العمل والجزاء، ويبيّن لهم أن طريق الجنة محفوف بالمكاره -كما أسلفنا- وزاده الصبر على مشاقّ الطريق، وليس زاده التمنّي والأماني الطائرة التي لا تثبت على المعاناة والتمحيص:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣)} (آل عمران)!
إن صيغة السؤال الاستنكاريّة يقصد بها إلى التنبيه بشدّة إلى خطأ هذا التصوّر .. تصوّر أنه يكفي الإنسان أن يقولها كلمة باللسان: أسلمت وأنا على استعداد للموت، فيبلغ بهذه الكلمة أن يؤدي تكاليف الإيمان، وأن ينتهي إلى الجنّة والرضوان!
إنما هي التجربة الواقعيّة، والامتحان العملي .. وإنما هو الجهاد وملاقاة