ها هي الدنيا قد أفلتت من أيديكم؛ لأن أيديكم قد أصبحت طليقة من سنن الفطرة، ومن عروة الدّين، أليس ربكم هو الذي يقيم العدل والحق، وهو أحكم الحاكمين؟
أكنتم تنتظرون أن يعمل أعداؤكم في الأرض، وأن يتخلقوا بأخلاق أسلافكم في الجهاد، وينفقوا أوقاتهم في الزراعة، ثم يحرموا الحصاد؟!
ولقد سار الكافر في طريق المسلم الأوّل فأعطي حظاً من الدنيا، ولكنكم لا تنشدون اليوم محاسن الحور ولا كنوز القصور!
ألا لقد بقي تجلّي النور، ولكن ذهب الكليم من الطور!
إن أمر المسلمين في الخسارة والربح واحد، والذي يقع لأقصاهم ينال أدناهم .. أليس نبي الجميع واحداً. وكذا الدّين والإيمان والحرم والقرآن؟!
وإلهكم إله واحد، فهل كان من الصعب أن تحيوا متّحدين؟
نار العصبية هنا، وجذوة الجنسيّة هنالك .. فحدّثوني عن قوم أدركوا نجاحهم بالفراق، ونالوا سعادتهم بالشقاق!
لقد تركتم القرآن، وجعلتم مقياس رقيّكم صلاحية الزمان، واتخذتم من المدنيّة كل شعار، واتبعتم سبيل الأغيار، فلم يبق في القلوب مذاق، ولا للوعة احتراق!
ها هي مساجد الله لا يعمرها غير فقرائكم، فهم الصائمون والمصلّون، وهم العابدون الذاكرون، وهم الساترون لعيوبكم، وأنتم ترحمون!
أمّا الأغنياء فهم في سكر غفلتهم معرضون!