قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْحَارِثُ بْنُ عَامِرٍ، خَالُ أَبِي إهَابٍ، وَأَبُو إهَابٍ، أَحَدُ بَنِي أُسَيِّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَيُقَالُ: أَحَدُ بَنِي عُدَسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارِمٍ، مِنْ بَنِي تَمِيمٍ.
(مَقْتَلُ ابْنِ الدَّثِنَّةِ وَمَثَلٌ مِنْ وَفَائِهِ لِلرَّسُولِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَّةِ فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ، أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَبَعَثَ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مَعَ مَوْلًى لَهُ، يُقَالُ لَهُ نِسْطَاسُ، إلَى التَّنْعِيمِ ١ ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ. وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ ابْن حَرْبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قَدِمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا زَيْدُ، أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا عِنْدَنَا الْآنَ فِي مَكَانِكَ نَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَأَنَّكَ فِي أَهْلِكَ؟ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا الْآنَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَة تؤذيه، وأنّى جَالِسٌ فِي أَهْلِي. قَالَ: يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ مِنْ النَّاسِ أَحَدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، ثُمَّ قَتَلَهُ نِسْطَاسُ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ.
(مَقْتَلُ خُبَيْبٍ وَحَدِيثُ دَعْوَتِهِ) :
وَأَمَّا خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ، فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّهُ حُدِّثَ عَنْ مَاوِيَّةَ ٢ ، مَوْلَاةِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إهَابٍ، وَكَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ، قَالَتْ: كَانَ خُبَيْبٌ عِنْدِي، حُبِسَ فِي بَيْتِي، فَلَقَدْ اطَّلَعَتْ عَلَيْهِ يَوْمًا، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَقِطْفًا مِنْ عِنَبٍ، مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَمَا أَعْلَمُ فِي أَرْضِ اللَّهِ عِنَبًا يُؤْكَلُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ جَمِيعًا أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ لِي حِينَ حَضَرَهُ الْقَتْلُ: ابْعَثِي إلَيَّ بِحَدِيدَةٍ أَتَطَهَّرُ بِهَا لِلْقَتْلِ، قَالَتْ: فَأَعْطَيْتُ غُلَامًا مِنْ الْحَيِّ الْمُوسَى، فَقُلْتُ: اُدْخُلْ بِهَا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الْبَيْت، قَالَت: فو الله مَا هُوَ إلَّا أَنْ وَلَّى الْغُلَامُ بِهَا إلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَاذَا صَنَعْتُ! أَصَابَ وَاَللَّهِ الرَّجُلُ ثَأْرَهُ بِقَتْلِ هَذَا الْغُلَامِ، فَيَكُونُ رَجُلًا بِرَجُلِ، فَلَمَّا نَاوَلَهُ الْحَدِيدَةَ أَخَذَهَا مِنْ
١ التَّنْعِيم: مَوضِع بِمَكَّة فِي الْحل، وَهُوَ بَين مَكَّة وسرف على فرسخين من مَكَّة، (رَاجع مُعْجم الْبلدَانِ) .
٢ تروى بالراء وبالواو. (رَاجع الرَّوْض والاستيعاب وَشرح الْمَوَاهِب) .