فَأَجَابَهُ سَمَّاكٌ ١ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ:
إنْ تَفْخَرُوا فَهُوَ فَخْرٌ لَكُمْ ... بِمَقْتَلِ كَعْبٍ أَبِي الْأَشْرَفِ
غَدَاةَ غَدَوْتُمْ عَلَى حَتْفِهِ ... وَلَمْ يَأْتِ غَدِرًا وَلَمْ يُخْلِفْ
فَعَلَّ اللَّيَالِيَ وَصَرَفَ الدُّهُورَ ... يُدِيلُ ٢ مِنْ الْعَادِلِ الْمُنْصِفِ ٣
بِقَتْلِ النَّضِيرِ وَأَحْلَافِهَا ... وَعَقْرِ النَّخِيلِ وَلَمْ تُقْطَفْ ٤
فَإِنْ لَا أَمُتْ نَأْتِكُمْ بِالْقَنَا ... وَكُلُّ حُسَامٍ مَعًا مُرْهَفِ ٥
بِكَفٍّ كَمِىٍّ بِهِ يَحْتَمِي ... مَتَى يَلْقَ قِرْنًا لَهُ يُتْلِفْ ٦
مَعَ الْقَوْمِ صَخْرٌ وَأَشْيَاعُهُ ... إذَا غَاوَرَ الْقَوْمَ لَمْ يَضْعُفْ ٧
كَلَيْثِ بِتَرْجِ حَمَى غِيلَهُ ... أَخِي غَابَةٍ هَاصِرٍ أَجْوَفِ ٨
(شِعْرُ كَعْبٍ فِي إجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَتْلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَذْكُرُ إجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَتْلَ كَعْبِ ابْن الْأَشْرَفِ:
١ كَذَا فِي أ: وَفِي سَائِر الْأُصُول: «سمال» وَهُوَ تَحْرِيف.
٢ كَذَا فِي شرح السِّيرَة لأبى ذَر. ويديل: من الدولة، أَي نصيب مِنْهُ مثل مَا أصَاب منا. وَفِي أ:
«يدين» وَفِي سَائِر الْأُصُول: «يدان» .
٣ وَيُرِيد بالعادل المُصَنّف: النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو ذَر: فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ الْيَهُودِيّ فِيهِ: الْعَادِل الْمنصف، وَهُوَ لَا يعْتَقد ذَلِك؟ فَالْجَوَاب أَن يُقَال: أَن يكون ذَلِك مِمَّا لَفظه لفظ الْمَدْح وَمَعْنَاهُ الذَّم، مثل قَوْله تَعَالَى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٤: ٤٩ وكما قَالَ الآخر:
يجزون من ظلم أهل الظُّلم مغْفرَة ... وَمن إساءة أهل السوء إحسانا
فَهَذَا إِن كَانَ ظَاهره الْمَدْح، فَمَعْنَاه الذَّم.
٤ الأحلاف: جمع حلف، وَهُوَ الصاحب. ويروى: وإجلائها، يعْنى وإخراجها من بلادها.
وَلم تقطف (بِفَتْح الطَّاء) لم يُؤْخَذ ثَمَرهَا، ويروى بِكَسْر الطَّاء، أَي لم تبلغ زمن القطاف.
٥ الحسام المرهف: السَّيْف الْقَاطِع.
٦ الكمي: الشجاع. والقرن: الّذي يقاومك فِي قتال.
٧ صَخْر هُوَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب.
٨ ترج: جبل بالحجاز تنْسب إِلَيْهِ الْأسود. والغيل: أجمة الْأسد. والهاصر: الّذي يكسر فريسته إِذا أَخذهَا. والأجوف: الْعَظِيم الْجوف.