لَقَدْ خَزِيَتْ بِغَدْرَتِهَا الْحُبُورُ ... كَذَاكَ الدَّهْرُ ذُو صَرْفٍ يَدُورُ ١
وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِرَبٍّ ... عَزِيزٍ أَمْرُهُ أَمْرٌ كَبِيرُ
وَقَدْ أُوتُوا مَعًا فَهْمًا وَعِلْمًا ... وَجَاءَهُمْ مِنْ اللَّهِ النَّذِيرُ
نَذِيرٌ صَادِقٌ أَدَّى كِتَابًا ... وَآيَاتٍ مُبَيَّنَةً تُنِيرُ
فَقَالُوا مَا أَتَيْتَ بِأَمْرِ صِدْقٍ ... وَأَنْتَ بِمُنْكَرٍ مِنَّا جَدِيرُ ٢
فَقَالَ بَلَى لَقَدْ أَدَّيْتُ حَقًّا ... يُصَدِّقُنِي بِهِ الْفَهِمُ الْخَبِيرُ
فَمَنْ يَتْبَعْهُ يُهْدَ لِكُلِّ رُشْدٍ ... وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ يُجْزَ الْكَفُورَ
فَلَمَّا أُشْرِبُوا غَدِرًا وَكُفْرًا ... وَحَادَ بِهِمْ ٣ عَنْ الْحَقِّ النُّفُورِ
أَرَى اللَّهُ النَّبِيَّ بِرَأْيِ صَدْقٍ ... وَكَانَ اللَّهُ يَحْكُمُ لَا يَجُورُ
فَأَيَّدَهُ وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِمْ ... وَكَانَ نَصِيرُهُ نِعْمَ النَّصِيرِ
فَغُودِرَ مِنْهُمْ كَعْبٌ صَرِيعًا ... فَذَلَّتْ بَعْدَ مَصْرَعِهِ النَّضِيرُ
عَلَى الْكَفَّيْنِ ثَمَّ وَقَدْ عَلَتْهُ ... بِأَيْدِينَا مُشَهَّرَةٌ ذُكُورُ ٤
بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ إذْ دَسَّ ٥ لَيْلًا ... إلَى كَعْبٍ أَخَا كَعْبٍ يَسِيرُ
فَمَا كَرِهَ فَأَنْزَلَهُ بِمَكْرٍ ... وَمَحْمُودٌ أَخُو ثِقَةٍ جَسُورُ
فَتِلْكَ بَنُو النَّضِيرِ بِدَارِ سَوْءٍ ... أَبَارَهُمْ بِمَا اجْتَرَمُوا الْمُبِيرُ ٦
غَدَاةَ أَتَاهُمْ فِي الزَّحْفِ رَهْوًا ... رَسُولُ اللَّهِ وَهْوَ بِهِمْ بَصِيرُ ٧
وَغَسَّانَ الْحُمَاةَ مُوَازِرُوهُ ... عَلَى الْأَعْدَاءِ وَهْوَ لَهُمْ وَزِيرُ
فَقَالَ السِّلَمُ ٨ وَيْحَكُمْ فَصَدُّوا ... وَحَالَفَ ٩ أَمْرَهُمْ كَذِبٌ وَزُورُ
١ الحبور: جمع حبر، وَهُوَ الْعَالم، وَيُقَال فِي جمعه: أَحْبَار (أَيْضا) وَيُرِيد «بالحبور» :
عُلَمَاء الْيَهُود.
٢ جدير: حقيق وخليق.
٣ كَذَا فِي شرح السِّيرَة لأبى ذَر: وحادبهم، أَي مَال بهم وَفِي جَمِيع الْأُصُول: «وجد بهم» .
٤ مشهرة ذُكُور: سيوف مسلولة من أغمادها، قَوِيَّة قَاطِعَة.
٥ فِي أ: «دش» (بالشين الْمُعْجَمَة) .
٦ أبارهم: أهلكهم. واجترموا: كسبوا.
٧ الرهو: مَشى فِي سُكُون.
٨ السّلم (بِفَتْح السِّين وَكسرهَا) : الصُّلْح.
٩ كَذَا فِي أوشرح السِّيرَة، وحالف: صَاحب- وَفِي سَائِر الْأُصُول: «وَخَالف» بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.