أبيه في رجال من أهل العلم، حدثوه أنّ عامر بن مالك الّذي يقال له ملاعب الأسنة قدم على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بتبوك، فعرض عليه الإسلام، فأبى، فأهدى إلى النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال: «إنّا لا نقبل هديّة مشرك» «١» .
ورواه أكثر أصحاب الزّهري، فلم يقولوا فيه: عن أبيه، وهو المحفوظ. وكذا لم يقولوا: بتبوك. أخرجه الذّهليّ في «الزهريات» من طرق، وكذا أخرجه ابن البرقي، وابن شاهين. وأخرجه من طريق ضعيفة عن الزّهري، فقال أيضا: عن عبد الرّحمن بن كعب، عن أبيه.
والّذي في مغازي موسى بن عقبة قال: كان ابن شهاب يقول: حدّثني عبد الرّحمن بن كعب بن مالك ورجال من أهل العلم أنّ عامر بن مالك الّذي يدعى ملاعب الأسنة قدم وهو مشرك، فعرض النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم عليه الإسلام فأبى، وأهدى للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال: «إنّي لا أقبل هديّة مشرك» .
فقال له عامر بن مالك: ابعث معي من شئت من رسلك، فأنا لهم جار، فبعث رهطا ... فذكر قصّة بئر معونة.
وقد ساقها الواقديّ مطوّلة، وأخرجها ابن إسحاق عن المغيرة بن عبد الرّحمن المخزوميّ وغيره، قالوا: قدم أبو البراء عامر بن مالك ملاعب الأسنة فذكرها، وجميع هذا لا يدلّ على أنه أسلم.
وعمدة من ذكره في الصّحابة ما وقع في السياق من الرّواية عنه، وليس ذلك بصريح في إسلامه، بل ذكر أبو حاتم السّجستاني في المعمرين، عن هشام بن الكلبيّ- أن عامر بن الطّفيل لما أخفر ذمّة عمه عامر بن مالك عمد عمّه عامر بن مالك إلى الخمر فشربها صرفا حتى مات، ولم يبلغنا أن أحدا من العرب فعل ذلك إلا هو وزهير بن جناب، وعمرو بن كلثوم، نعم ذكر عمر بن شبّة في الصّحابة له بإسناده عن مشيخة من بني عامر قالوا: قدم على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خمسة وعشرون رجلا من بني جعفر، ومن بني أبي بكر، فيهم عامر بن مالك الجعفريّ، فنظر إليهم، فقال: قد استعملت عليكم هذا، وأشار إلى الضّحاك بن سفيان الكلابيّ، وقال لعامر بن مالك: أنت على بني جعفر، وقال للضّحاك: استوص به خيرا، فهذا يدلّ على أنه وفد بعد ذلك مسلما، وأوّل من لقب ملاعب الأسنّة درار بن عمرو القيسي ولقبه الرّويم، وذلك في يوم السّوبان، وهو من أيام العرب، أغارت بنو عامر على
(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١٩/ ١٨، وأورده الهيثمي في الزوائد ٤/ ١٥٥، وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد وهو ثقة، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٤: ١: ٤٥.