وأخرج التّرمذيّ بسند قوي، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية سعدا فقال له: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: ما ذكرت ثلاثا قالهنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من أن يكون لي حمر النّعم «١» ، فلن أسبّه: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول، وقد خلّفه في بعض المغازي، فقال له علي: يا رسول اللَّه، تخلفني مع النساء والصبيان. فقال له: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبوّة بعدي» . وسمعته يقول يوم خيبر: «لأعطينّ الرّاية رجلا يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله» ، فتطاولنا لها فقال: «ادعوا لي عليّا فأتاه، وبه رمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه، ففتح اللَّه عليه» .
وأنزلت هذه الآية: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ سورة آل عمران/ ٦١ ، فدعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم عليّا، وفاطمة، وحسنا، وحسينا، فقال: «اللَّهمّ هؤلاء أهلي» .
وأخرج أيضا- وأصله في مسلم- عن علي، قال: لقد عهد إليّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم: «أن لا يحبّك إلّا مؤمن، ولا يبغضك إلّا منافق» «٢» .
وأخرج التّرمذيّ بإسناد قويّ، عن عمران بن حصين في قصة قال فيها: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «ما تريدون من عليّ! إنّ عليا منّي وأنا من عليّ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي» .
وفي مسند أحمد بسند جيد، عن علي، قال: قيل يا رسول اللَّه: من تؤمّر بعدك؟ قال:
«إن تؤمّروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدّنيا راغبا في الآخرة، وإن تؤمّروا عمر تجدوه قويّا أمينا لا يخاف في اللَّه لومة لائم، وإن تؤمّروا عليّا، وما أراكم فاعلين، تجدوه هاديا مهديّا، يأخذ بكم الطّريق المستقيم «٣» .
وكان قتل علي في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر، لأنه بويع بعد قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت وقعة الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين، ووقعة صفين في سنة سبع وثلاثين، ووقعة النهروان مع الخوارج في سنة ثمان وثلاثين ثم أقام سنتين يحرّض على قتال البغاة، فلم يتهيّأ ذلك إلى أن مات.
(١) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٩٥.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٩٥.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١/ ١٠٩، والذهبي في ميزان الاعتدال حديث رقم ٦٧٧٤، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٣٠٧١ وعزاه لأحمد في المسند وأبي نعيم في الحلية عن علي.